حضرت المهرجان الخطابي الذي أقامته اللجنة الثقافية في محافظة الخرج بالشراكة مع عدد من المؤسسات التعليمية والمهنية.

وما بين ارتباكة العمل التنظيمي للفعالية، وتقعر الأكاديميين في خطاباتهم المطولة، إلّا أنني سعدت بوجود مثل هذا الحراك في المدن والمحافظات الصغيرة، والتي تنبئ بأننا أمام مستقبل جيد، سوف يحرك المياه الراكدة في مثل تلك المجتمعات.

عموماً، وبما أن الجميع يكتب عن اللغة العربية، فأنا أيضاً وبما أنني كاتب رأي في جريدة رائدة، فأعتقد أن من حقي الكتابة عنها. أسوة بالجميع الذين يتحدثون في كل شيء وعن كل شيء.

أعترف أيها الكرام أن فهمي لصلابة وقوة اللغة العربية في وقت مبكر من مراحل نضجي وضعني في مأزق. عندما كنت أسمع الإطراء الضخم للغتنا، وأهمية تعلمها وإتقانها، ففكرت أنه يتوجب علي إعادة دراستها، والجلوس بين يدي أساتذتها وتعلم نحوها وصرفها وبلاغتها، بل ودراستها أكاديمياً والتخصص فيها. وذلك من أجل أن أكون رجلاً متميزاً حسب نظرة من يتحدث عن أهمية اللغة العربية في حياتنا العامة.

ولكني بعد أن طرأ على حياتي ما طرأ. تحولت لدراسة الإدارة بشقيها الأعمال والعام. وأحمد الله على تلك الظروف التي أجبرتني على مثل هذا القرار. لأنني بعد تخرجي وذهابي إلى سوق العمل، وجدت أنني قطعت نصف الطريق بتعلمي لمهارات الإدارة وفنونها وتحدياتها، وبقي النصف الآخر الذي يتوجب علي امتلاكه، وهو ضرورة تعلمي للغة الإنجليزية كشرط أساسي للتوظف في الشركات الكبرى وفي مؤسسات الدولة شبه الخاصة من هيئات ومؤسسات.

اليوم أيها السادة العرب، وبكل عقلانية وتجرد وبعيداً عن العاطفة، لا يمكنك أن تتولى منصباً متميزاً في بلدك العربي أو الإفريقي أو الآسيوي وأنت لا تتقن اللغة الإنجليزية. بل ولا يمكنك أن تتوظف في الإدارات الحساسة والإدارات المنتجة وأنت لا تملك مهارة الحديث والكتابة بالإنجليزية بطلاقة.

في الفترات الماضية، كنت أغضب أشد الغضب من تخاطب السعوديين في مؤتمر سعودي في مدينة سعودية مع جمهور سعودي باللغة الإنجليزية. حتى سمعت تفسيراً لمثل هذه الحالات من الدكتور محمد قاسم في بودكاست فنجان مع عبدالرحمن أبو مالح. يقول الدكتور محمد إن هذه المؤتمرات هي أماكن علم وتعلم، واللغة الإنجليزية هي لغة العلم حالياً، وكثير ممن يشارك في هذه المؤتمرات هم من الدارسين في دول تتحدث الإنجليزية، ولذلك فإن طريقة تفكيرهم وتحدثهم باللغة الإنجليزية هو أفضل بكثير من تفكيرهم وتعبيرهم باللغة العربية، ومن يرغب بحضور مثل هذه الأماكن عليه أن يتعلم اللغة الإنجليزية.

عموماً أيها الأصدقاء.. يجب أن تعرفوا أن اللغة القوية هي اللغة التي تسيطر على العلم والمعرفة والإنتاج. ونتيجة لهذا الأمر فإنها تسيطر على المال والصناعة والاقتصاد والسلاح والطب والتقنية وغيرها من أدوات القوة والنفوذ. وبالتأكيد أن اللغة العربية بوضعها الراهن ليست من بينها. فلذلك لا تحرصوا على تعليم أبنائكم لها بقدر حرصكم على تعليمهم اللغة الإنجليزية حالياً، واللغة الصينية في العقود القادمة.