استغرق الأمر 7 عقود بعد الحرب العالمية الثانية كي يتم وضع نظام كامل للتجارة الحرة في أرجاء العالم، لكن هذا النظام قد تزلزل في السبعة الأيام الماضية. ففي الثلاثاء الماضي، وافق الديموقراطيون في الكونجرس الأميركي على أن يقوموا بتحديث الاتفاقية التجارية مع كندا والمكسيك. وبعد 3 أيام، وافقت الصين على اتفاقيتها التجارية الأولية مع الولايات المتحدة. قال الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتزر لقناة "CBS" الأميركية: "كان يوم الجمعة قبل الماضي اليوم الأكثر خطورة في تاريخ التجارة على الإطلاق".

التجارة عبر الحدود

تهدف كِلتا الصفقتين إلى تعزيز التجارة عبر الحدود، ولكنها كذلك تتضمن الإجراءات الحمائية. وللوصول إلى هناك، وضع ترمب حواجز طلب رسوم جمركية صارمة ضد كندا والمكسيك والصين. في نفس ذلك الأسبوع، المحافظين في المملكة المتحدة فازوا بانتصار كبير في الانتخابات البرلمانية ورئيس الوزراء بوريس جونسون تعهد بالمضي قدما في البريكست. وعلى كِلا جانبي المحيط الأطلسي، القادة الشعبويون يتحدون المفاهيم القديمة حول كيفية صناعة التجارة. قال ماثيو سلاوتر، وهو خبير اقتصادي عمل في البيت الأبيض تحت إدارة جورج دبليو بوش: "لدينا قادة اليوم يقولون إنهم يريدون أن يكونوا متصلين بالعالم، ولكن فقط بالشروط التي يضعونها وفقط وفقا للمعايير التي تشكل "الربح".


منهجية صفرية

وصف موقع "بزنس إنسايدر" هذه المنهجية بـ"الصفرية" كونها تتعارض مع النظام الدولي القائم على القواعد الذي قضت الولايات المتحدة سنوات وهي تحاول بناءه. في حين أن جونسون مصر على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، إلا أن ترمب يضع عراقيل أمام منظمة التجارة العالمية. لقد منع ترمب التعيينات في هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية، مما أفقدها القدرة على التحكم بالنزاعات التجارية، الثلاثاء الماضي. بذلك أصبح ترمب أكثر حرية في اتباع غرائزه الحمائية الخاصة به، فارضا الرسوم الجمركية على الأصدقاء والأعداء سواء. ويقول النقّاد، إنه عندما تقوم الدول الأخرى بتتبع ذلك المثال، فإن الاقتصاد العالمي سيعاني. ولا ننسى أن الرسوم الجمركية في الثلاثينيات 1930 أسهمت في الركود الاقتصادي الكبير والحرب التي تبعته. بعد الحرب، عملت الولايات المتحدة والدول الأخرى كي يبنوا نظاما تجاريا مبنيا على القوانين على أمل تعزيز السلام والازدهار ومنع الدول الأقوى من استغلال الدول الأخرى. وبالتأكيد ذلك النظام لم ينجح بشكل جيد متساو بالنسبة للجميع. في حين أن بعض الصناعات الأميركية قد ازدهرت مع وصول أكبر للأسواق العالمية، إلا أن أخرى قد واجهت صعوبة من المنافسة الخارجية. حذر اقتصاديون من أن الرؤساء الذين يشعرون بأنهم متضررون من العولمة، يجازفون ويجب تحذيرهم من أن الاتفاقيات التجارية الحمائية والانسحاب من المشاركة العالمية ليست حلولا يمكن اللجوء إليها، فقد كشفت الأيام السبعة الأخيرة عن وجود تشققات عميقة في نظام التجارة العالمي. ستكشف الأشهر المقبلة ما إذا كانت هذه التشققات قابلة للإصلاح، أم أن النظام معرض للانهيار تحت الضغط الشعبوي.