لا يخلو منزل عربي إلا وشاهد المسرحية الكوميدية التي تضم 4 من الأشقياء المتمردين على صرح التعليم وقيمه وأخلاقياته، وسخريتهم من رموز السلطة التعليمية المتمثلة في ناظر المدرسة ومعلميها، والكيان المعرفي برمته.

مدرسة المشاغبين الجديدة بطابع سياسي شاهِدْها من خلال قمة رباعية «تركية قطرية إيرانية ماليزية»، تقام في كوالالمبور.

هناك تشابه كبير بين العملَين الكوميديين، سيما أن الرقم 4 مشترك بين المسرحيتين -وفيه إشارة إلى الشعار الإخواني- إضافة إلى حالة التمرد والشغب المشترك في العمل المسـرحي هنا وهناك، وكذلك التـعدي على الكيانات في الجانبين، وانحـطاط مستوى الأدب تجاه الآخرين في المسرحيتـين، وأخيرا ولـيس آخـرا الفصول الكومـيدية التي شاهدها الناس في العملين. من هذه الفـصول المضحكة في القـمة التي تزعم أنها منطلقة «لخدمة المسلمين» أن تكون أضلاعها: إيران الوثنـية، وتركيا العلـمانية، والتي تقـر بأن قيمها أوروبية، وثالـثة الأثافي قطـر، الدولة المجهرية المنبـوذة.

ومن المضحك -أيضا- أن هذه الدول الـ3 التي تدّعي رعاية شؤون المسلمين، تشترك في دعم الإرهاب من خلال الميليشيات والأحزاب في العالم الإسلامي قبل غيره، بشهادة غالبية دول وشعوب الكرة الأرضية.

ومن المواقف المضحكة، مشهد للزعيم التركي في القمة المزعومة يتلو الآية

«واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» مشددا على «ولا تفرقوا»!.

وما الذي تفعلونه هنا يا سيادة الرئيس؟! وهل أعظم من السعي إلى فرقة كيان 57 دولة إسلاميـة بشعوبها من خلال دول «رباعية» الهوى.

السؤال المطروح هو: ماذا يمكن لقمة كوالالمبور أن تحل من قضايا الدول الإسلامية وشعوبها، في ظل غياب 99 % من تلك الدول، وأولها راعية القبلة الإسلامية؟! ماذا يمكن أن تفعل قمة إسلامية تعقد بحضور من قتل المسلمين في العراق وسورية واليمن وليبيا، وحرّض على الفتن في الدول العربية؟!

والعجب الذي لا ينقضي منه العجب في «قمة الضرار» هذه، أن ترعاها تركيا وإيران اللتان تجمعهما المتناقضات، ويختلفان في كل شيء، منها الصراع على النفوذ «عقائديّا» في المنطقة بين الدولة الفارسية الشيعية، والدولة العثمانية السنّية، الساعيتين إلى بسط نفوذهما خارج حدودهما، استنادا إلى دوافع عرقية بحتة تحت مظلة أيديولوجية.

وفي تصفح لقائمة «الشرف» الحاضرة في قمة «شريفة» نجد رموز التيار الإخواني، ورموز التطرف من عدة بلدان تتصدر المشهد، كزعيم الإخوان في موريتانيا، المتهم بالتحريض والتكفير، وزعيم إخوان الجزائر، وداعية سوداني متطرف قاد مظاهرة مؤيدة لداعش، وأفتى بقتل المتظاهرين ضد نظام البشير، وأدى صلاة الغائب على الهالك أسامة بن لادن.

وإذا جمعت هذه الأسماء مع أسماء الدول الراعية للقمة، خرجت بنتيجة واحدة، وهي محاولة بعث حركة الإخوان المسلمين الإرهابية المجرّمة في كثير من دول العالم.

لن تجد بؤسا في هذه الحياة أكثر من هذه القمم الكيدية، التي لو صرفت تكاليفها لمعالجة الفقر والجهل والتخلف والبنى التحتية في العالم لكان ذلك أولى، ولكن تأبى السنة الميلادية إلا أن تنتهي بطرفة دولية قادمة من تلك العصابة.