لعلي في هذه المقال أطرح معادلة للإبداع والتميز والابتكار في العمل، خلال التجربة والاطلاع على بعض الممارسين والكتاب، والقراءة العميقة في فن الإدارة والتجديف في ممراتها، والوقوف على شواطئها المليئة بعلم التطوير المستمر، لأن أحد سبل ووسائل وخصائص التفرد في الإنجاز العملي، لا بد أن تكمن في بيئة محفزة تدعو إلى إبداع الموظفين، وإلى استمطار الأفكار والتجارب، وخوض معارك المغامرة والتحديات، للخلوص إلى النتائج والمستهدفات التي تبحث عنها الشركة أو المؤسسة أو الجهة التي تعمل فيها، وألا يكون جلّ اهتمام الموظف البحث عن استقرار وظيفي، لأنه يخشى على مستقبله الوظيفي بسب سوء الإدارة والخوف منها والقلق والإجهاد.

فقد ذكرت «باسينا» وهي محامية تحت التدريب، عملت في شركة بوادي السليكون، وطلبت منها مديرتها عملا منافيا للأخلاق المهنية، فرفضت القيام بذلك، فهددتها مديرتها بطردها من الوظيفة إن لم تقم بذلك، وقد تسبب ذلك في فقدانها محفزات العمل في وظيفتها الأساسية، وبالتالي قدّمت استقالتها لأنها فقدت احترامها لمديرتها. هذا نموذج لكثير من الحالات التي تمارس على الموظفين، وتدعو إلى الخوف في العمل.

الجوانب الإنسانية في الإدارة ضرورية جدا، لخلق نوع من الاستقرار الوظيفي. فأنت قد تتحمل فقدان وظيفتك لأشهر، وربما أكثر من ذلك، لكن لا يمكن تحمل قلق وخوف لسنوات طويلة، بسب سياسة إدارة تقتل لديك روح التفاؤل والإلهام، فقد تصدم لطردك من العمل، أو فقدان العمل لفترة، لكنك ستشعر بالراحة وتندم على الوقت الذي أضعته وأنت خائف.

بعضهم يعتقد أن الإدارة فرصة لفـرض القوة والسـيطرة. يقول راديـن «أنت لا تصـبح مديرا بسب منصبك، ولكنك تصبح مديرا لأن الآخـرين يريدون أن يحذوا حذوك». فحسب دراسات في السلوك التنظيمي، بيّنت أن العاملين الذين يؤمنون بإنجازهم مهمةً -كجزء من فريق العـمل- قد حلّوا مشـكلات أكثر، وعملوا لوقت زاد بـ48 % عن غيرهم، وهذه إحدى وصفات فن الإدارة المبنية على البراهين.

أيضا، سكوت شتاينبرج مؤلف كتاب «اجـعل التغير يعمل من أجلك» استشهد بأبحاث ودراسات تذكر الأنواع الشائعة من الخوف، والتي يذكرها الناس عن شعورهم في العمل، فهذه المخاوف لا تقف في طريق التطوير المهني فقط، وإنما تعوق الإبداع والابتكار ونمو الأعمال، وتُشوّه المخرجات، وتبتُر الأفكـار الريادية، وذكر من تلك المخاوف الخوف من الفشل الذي يمكن أن يحملك المسؤول تبعاته باعتباره نهاية الطريق، والنظر على أنه تحمل لمسؤولية كبيرة، وسبب للخروج من قافلة التعلم، على الرغم من أن الفشل هو إحدى خطوات التعلم، وبداية النجاحات والقصص في مثل هذا الأمر كثيرة.

فقد ذكرت فاريلاس، الشـريك الإداري في keystone partners، وهي شركه تركز على دعم إدارة الحياة الوظيـفية وإدارة المـواهـب، أن بعض الشركات تقوم بإنشـاء سيناريوهات الفـشل عن قصد، كوسيـلة للنمو والتـعلم وبالتـالي النجاح.

أيضا، من الأمور التي اطلعت عليها في كثير من المؤسسات والشركات، عدم وضـوح الهدف والرؤية للعاملين، فهي من الأسباب التي تجعل الموظفين يشعرون بالإحباط والخوف والارتباك في الأداء، وبالتالي لا يستطيعون المشاركة في تحقيق هذا الهدف، لأنه غير واضح بالنسبة لهم، فمتى كانت الـرؤية واضحة والأهداف محددة استطاع الموظفون استخدام الأدوات والسبل المناسبة للوصول إلى هذه الأهـداف، لكن إبقـاءهم بعـيدين عن رسم السياسات يجعلهم لا يؤمنون بها ولا يسهمون في تحقيقها، وقد يكونون من عوامل مقاومة التغيّر، وأسـباب تغير المـسارات.