كرة القدم في السابق كانت تمارس كهواية، وهناك تأكيد من المراقبين أن الرياضة بشكل عام تقف أمام مستقبل ممارسيها، غير أن الواقع في ذلك الوقت رحب وأنجب مواهب كروية، وبذات الوقت إدارية صنعت الفارق في أعمالها ما يفوق الجهد الذي جسدته على أرض الميدان، مثل هؤلاء المتميزين تواروا تحت أرتال العقود الباهظة التي يوقعها الجيل الحالي الذي لم يتجاوز حدود الدوري المحلي، في حين كان جيل الأمس يرسم الإبداع في كل الأحوال، جمعوا الرقي الرياضي والعمل المهني على حد سواء، على سبيل المثال لا الحصر من يحملون شهادة الدكتوراه كعبدالرزاق أبوداود وخالد التركي وأبناء البابطين، فهذه الأسماء تصدرت المنصات التعليمية في الجامعات كما كانت تلامسها عندما كانت تمارس عشقها الرياضي، ومن الكوادر المضيئة الكابتن أحمد عيد ولؤي السبيعي اللذان قادا اتحاد القدم خلال فترات متفاوتة، والكابتن الدولي طارق كيال الذي عمل كمدير اتصالات جدة، والقصة تطول مع القيادات التي جمعت المجد من جميع أطرافه، وحينما نتغنى بمدينة الملك عبدالله التي تم تشييدها كآخر صرح رياضي (ملعب الجوهرة) يتجلى أمامنا المهندس محمد المغلوث الذي كان يشغل مدير التشغيل والصيانة في ذلك الحين. والأكيد أن الدولي السابق الأنيق محمد المغلوث رسم الإبداع بكل معانيه، ويمثل النموذج الأبرز لقدرة الرياضي على تحقيق آفاق أوسع من النجاح والتألق، وله بصمات عدة تدعمها عقليته الفذة التي أسهمت في نجاحه، لأنه يملك الأدوات.

والسؤال لماذا تلاشت مثل تلك الكوادر ولم تعد تظهر كالسابق، اللهم إلا بنسب قليلة جدا ولا تقارن في جيل الأمس الذي حفر اسمه بحروف من ذهب في الميدان الرياضي وفي السلك الإداري، والإجابة تظهر بكل شفافية من خلال شخصية اللاعب السابق والحالي، وفي يقيني لو أن جيل الماضي وجد ذات الاهتمام لربما أن واجهة الرياضة السعودية صارت مختلفة في كل شيء، والأمل كبير أن يكون عطاء لاعب اليوم على غرار العناصر الأوروبية في الانضباط واحترام المهنة، ومتى ما تحقق ذلك على أرض الواقع سنصل إلى مؤشرات متقدمة، لأننا نملك المقومات التي تساعد على رسم الإبداع.