طالبت وسائل إعلام فرنسية أمس، حكومة بلادها إلى اتخاذ موقف حازم ضد التجاوزات الإيرانية وتعنتها في قضية إطلاق سراح باحثتين فرنسيتين محتجزتين لديها. وتحت عنوان «وضع حرج بين باريس وطهران»، قالت الصحيفة الفرنسية «لاكروا» إنه «على باريس الضغط على طهران من خلال وقف جميع أشكال التعاون معها حتى يتم إطلاق سراح الباحثتين المحتجزتين لديها»، وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه خلال السنوات الأخيرة كانت فرنسا تنأى بنفسها عن خطابات الكراهية تجاه النظام الإيراني على الرغم من تصرفاته، كما بذل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا جهودا مضنية في محاولة تهيئة مفاوضات بين طهران وواشنطن.

انعدام الثقة

اتهمت طهران فرنسا بـ«التدخل» في قضية الأكاديمية الإيرانية الفرنسية فاريبا عادلخواه المعتقلة في إيران، مشيرة إلى أنها تُعتبر مواطنة إيرانية وتواجه تهما تتعلق بالأمن القومي، واستدعت وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة السفير الإيراني للاحتجاج على «الاعتقال غير المقبول» لعادلخواه والأكاديمي الفرنسي رولان مارشال، مجددة مطالبتها بالإفراج عنهما. وقالت إن الأمر «لا يحتمل»، وأدى اعتقالهما إلى زيادة انعدام الثقة بين طهران وباريس في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى لعب دور قيادي في نزع فتيل التوتر بين إيران وخصمها اللدود الولايات المتحدة. واعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، أن «بيان وزارة الخارجية الفرنسية بشأن المواطنة الإيرانية هو تدخل في الشأن الداخلي للبلاد، والطلب الفرنسي ليس له أساس قانوني».

إضراب عن الطعام

تعمل أستاذة الأنتروبولوجيا المتخصصة في الشأن الشيعي فاريبا عادلخواه في مركز البحوث الدولية في كلية العلوم السياسية بباريس، وتأكد اعتقالها بتهمة «التجسس» في يوليو الماضي. واعتقل زميلها مارشال أثناء زيارته لها، بحسب محاميه، وقرر قاض خلال الشهر الجاري الإفراج عنهما بكفالة، نظرا لاستحقاقهما لها بعد ستة أشهر من الاعتقال، بحسب محاميهما. إلا أن النيابة اعترضت، ونتيجة لذلك أحيلت القضية إلى المحكمة الثورية الإيرانية للنظر فيها، بحسب وكالة الأنباء الطلابية (ايسنا) شبه الرسمية، وتنظر المحكمة الثورية عادة في القضايا المهمة في إيران ومن بينها تلك المتعلقة بالتجسس. وذكرت كلية العلوم السياسية بباريس ونشطاء أن عادلخواه وأكاديمية أسترالية مسجونة معها تُدعى كايلي مور-غيلبرت، بدأتا إضرابا مفتوحا عن الطعام قبل عيد الميلاد، وأعربت الخارجية الفرنسية عن «قلقها العميق» حيال وضع عادلخواه «التي توقفت عن الأكل وكررت طلب لقائها الذي رفض حتى الآن». ورفض موسوي دعوات مشابهة سابقة من فرنسا. وقال إن عليها أن تتذكر أن «إيران دولة مستقلة ذات سيادة» والتدخل في شؤونها «غير مقبول».

وسيلة ضغط

غالبا ما تستخدم طهران ورقة احتجاز رهائن غربيين كورقة للضغط السياسي في محاولة لتخفيف تأثير العقوبات الأميركية. وتأتي التوترات الأخيرة بعد أن أفرجت واشنطن هذا الشهر عن مسعود سليماني العالم الإيراني الموقوف في الولايات المتحدة منذ 2018، بينما أفرجت طهران عن شيوي وانج الأميركي المولود في الصين والمسجون في إيران منذ 2016. ولا تزال إيران تحتجز العديد من الأجانب من أصل إيراني ومن بينهم البريطانية الإيرانية نازانين زجاري- راتكليف ورجل الأعمال الإيراني الأميركي سياماك نمازي ووالده محمد باقر نمازي.