لم يستفد إردوغان من التجربة الإيرانية الخاسرة في المنطقة العربية، فهو اليوم ينخرط في مغامرات ستدخله هو وبلاده في نفق مظلم لا يخرج منه إلا بنفاد رصيده من الثقة الدولية. وسيمزق العلاقات العربية التي هي ذخيرة إستراتيجية له ولبلاده على المستويات كافة في المستقبل وفي الوقت الراهن. أعتقد أن سهم إردوغان طاش عن الهدف فيما يرمي إليه بالملف الليبي، وبدأ بالتخبط وافتعال الأزمات والاضطرابات حيثما حشر أنفه، ولن يعكس ذلك شيئاً على أنقرة إلا التكلفة الباهظة، وسيقود تركيا إلى العزلة والانهيار الاقتصادي كما حل بإيران.

حب الزعامة الإقليمية الذي يعاني منه الرئيس التركي لم يجن منه سوى الفشل والإفلاس السياسي، في كل تدخلاته بالبلدان العربية ابتداءً بمصر وسورية والسودان وقطر، والآن سيقامر بالتدخل العسكري في ليبيا، وأجزم أن هذا سيكلف أنقرة خسائر كبيرة على المستوى المادي والبشري والسياسي.

إن إستراتيجية أنقرة فيما تسميه بالتحالفات، أو الاتفاقيات العسكرية، الهدف منها بالتأكيد تأمين موارد الطاقة وتعزيز الصناعة العسكرية التركية، ونشر القواعد العسكرية بأمل إحياء النفوذ العثماني، لكن هذا كله سيكون على حساب الشعب التركي الذي سيدفع الثمن، وبالتأكيد ستتشكل تحالفات مناهضة للتحولات الجديدة في الملف الليبي للحد من عبث «إيران الجديدة» في المنطقة.