يقول ملك مملكة بوتان (أو جمهورية أو قرية أو.. لأنها أول مرة أسمع بها بصراحة)، المهم أنه يقول بعد سؤاله عن حجم إجمالي الناتج المحلي للفرد في دولته، إن السؤال طرح بطريقة ليست مهمة بالنسبة له، فكل ما يهمه هو كم حجم إجمالي الناتج المحلي للفرد من السعادة.

يقول إن السعادة هي الغاية، والمال وسيلة للوصول إلى هذه الغاية مهما بلغ حجم هذا المال، فإن انشغل الشعب بجمع المال قد لا يكون ذلك موصلا لهم إلى السعادة، وبهذا فلن يصلوا إلى الغاية بسبب انشغالهم بالوسيلة، وهذا ما يجعل البعض يملك المال وليس سعيدا، وهذا ما جعله يفكر بحجم السعادة ولا ينشغل بحجم المال.

يذكرنا هذا الحاكم بأحد علماء الطبيعة حينما وصل إلى قرية صغيرة تقع على شواطئ المكسيك، وبعد أن تواصل مع السكان وجدهم سعداء، فراقب أنشطة حياتهم اليومية، فوجدها باختصار أن يصحو الآباء في الصباح الباكر، ويتناولوا الفطور مع أبنائهم وأحفادهم ويذهبوا ليكملوا بقية اليوم في الصيد، ويعودوا بما اصطادوه من البحر، ليجتمعوا عليه في المساء ويقيموا حفلة عشاء يجتمعون عليها، ويتسامرون على ضوء النجوم ومعزوفات أمواج البحر، وضحكاتهم تعلو ليعودوا بعدها إلى منازلهم مع أسرهم استعدادا ليوم صيد آخر.

المهم أن هذا العالم (النابغة) أحب أن يعرض خدماته عليهم، وقال لهم إن شواطئ قريتكم تأتي بها أنواع نادرة من الأسماك والكائنات البحرية، وهذا يجعلكم تنامون على كنز بحري لم يستغل من قبلكم، ولو قمتم باستثمار ما يوجد هنا ستتغير حياتكم.

وأضاف لهم، بداية عليكم أن تنشئوا شركة للتصدير، وتجمعوا من أبنائكم من له قدرة على إدارتها، وتجدوا من المعدات المخصصة للصيد البحري ما يجعلكم قادرين على توفير طلبات الناس من حول العالم التي ستنهال عليكم بعد أن يعلموا أن كل هذا بجانب قريتكم، وبهذه الجودة والندرة.

وقام بحسابات بسيطة أثبت بها أنهم وخلال سنين قليلة سيصبحون أغنياء بلا استثناء، وأن أبناءهم سيدرسون في مدارس عالمية، وسيعودون للعمل مع آبائهم في هذه الشركة، و.. و...و...

المهم أن أحد هؤلاء (الجهلة) سأل العالم، وماذا سيحصل بعد؟ فأجاب هذا العالم، سيحصل كذا وكذا وكذا، وفي النهاية سيجد الفرد منكم أنه بعد هذا النجاح الكبير لمدينتكم وجمع الأموال لكم ولأبنائكم وأحفادكم، (ستعيشون بقية حياتكم سعداء).

ولكن (الجاهل جاهل)، إذ رد على هذا العالم (النابغة) بكلمة مختصرة، ولكننا نعيش حاليا مع أبنائنا وأحفادنا سعداء، فلماذا نحتاج لكل ذلك؟.

نظرة للسماء: لو تذوقنا كل صباح ملعقة من العسل، واعتدنا على طعمه اللذيذ، فملعقة من المر كافية لنتلذذ من جديد بطعم العسل.