نعم «جزى الله الشدائد كل خير.. وإن كانت تغصصني بريقي /‏ وما شكري لها حمداً ولكن..عرفت بها عدوي من صديقي».

نجحت كثير من المواقف والأحداث في «تعرية بعض العرب» سواء كانوا مثقفين، أو إعلاميين أو سياسيين أو دولا، وكشفت لنا أنهم عرب بدماء فارسية، حينما رهنوا مواقفهم بيد الخميني وزمرته وعصابة الملالي في طهران، وباعوا كرامتهم ليعيشوا عبيدا لأوامر ونواهي عصابات طهران التي هي أبعد ما تكون عن قضايا العرب، مهما زعمت وادّعت مناصرتها.

اليوم، بعد مقتل قاسم سليماني الذي تلطخت يداه بدماء الأبرياء في سورية ولبنان والعراق واليمن، ظهر لنا -مع الأسف- أن هناك عربا بدماء فارسية، مواقفهم مائعة ضائعة تائهة.

فهذا وزير خارجية دولة قطر يسرع الخطى وينهبها نهبا باتجاه إيران، ليواسي ويعزي في رجلٍ قتل عربا أبرياء، وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس يصف سليماني بشهيد القدس!، وكأن سليماني قد أفنى عمره مجاهداً في فلسطين ومقاتلة الإسرائيليين، وليته لم يفعل وفاء لشهداء فلسطين ولشرفائها داخل فلسطين وخارجها، وحسن نصرالله وعربٌ مثله يتباكون

على نفوق سليماني، وينسجون لأجله آيات الرثاء والتعازي، ويصفونه بالمجاهد والقائد والشهيد، وليت النائحين على سليماني قد توقفوا عند مصابهم الجلل، لكننا لم نسلم من أذاهم وشرهم وألسنتهم وتغريداتهم، ومن كتاباتهم وتصريحاتهم وتعليقاتهم، وكأننا السبب فيما هم فيه من شتات وتشرذم وفرقة وضياع.

مع الأسف، كنا نظن هؤلاء العرب إخوةً حقيقيين في العروبة والدم، كنا نحسبهم السند وقت الأزمات، وكنا نظن أنهم يحفظون الود ويرعونه، وكنا نعتقد أنهم أوفياء كما نحن أوفياء معهم، وهم يعلمون حقيقة تضحيات السعودية وصدق مواقفها من قضاياهم، إلا أننا وجدناهم «عربا بدماء فارسية»، فكانوا أول من قلب لنا ظهر المجن، وهم يصطفون مع أعدائنا الساعين إلى خلخلة استقرار بلادنا، وهم يعلمون كم ضحّت بلادنا وأعطت ومدّت وساندت، بلا منة ولا مقابل.

ليت عرب الدماء الفارسية علموا أننا عمقهم العربي، نحن أبناء الصحراء البدو الذين طالما رددوها، اعتقادا منهم أنها مسبّة أو منقصة، وما علموا أننا نفخر بأن أجسادنا معجونة برمالها المسك، وصبرنا منسوج من تضاريسها، وبأسنا من رجم لهيبها. تعرفنا كما نعرفها حين تصرخ أننا عرب أقحاح لا نعرف الغدر، وسمتنا الوفاء، ومنبتنا منبت الشيم والقيم والأصالة والعروبة والرجولة، وصبرنا بحجم كثبانها وامتداد جهاتها.

عرب بدماء فارسية، لو فتشوا في مواقف بلادنا تجاه قضاياهم، لوجدوا صدقا في المواقف عند الأزمات وفي الشدائد، ووجدوا قائمة تطول من التضحيات الجسيمة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وأدركوا أننا «ظهرهم وسندهم» الحقيقي، وليست إيران التي يسبّحون بحمدها ويتمسحون بعباءات وعمائم ملاليها، ولو استقرؤوا التاريخ لانكشفت لهم أن مواقف طهران من قضاياهم مجرد «لعبة سياسية وخدعة كبيرة».

إيران مشغولة بأمر أهم من قضيتهم، مشغولة «باستمرار المد الطائفي الشيعي وأنشطتها في مدارس ومساجد سورية ولبنان واليمن والعراق، وفي دول إفريقية، ثم تقوم بزرع أذنابها وأذرعها في تلك الدول، ليحرسوا ثورتها فيها.

وأمر آخر، فهي مستمرة في زعزعة أمن الخليج العربي ودعم الميليشيات الإرهابية من القاعدة وداعش وحزب الله والميليشيات الحوثية، لإقامة حلمها «إمبراطورية فارس» لتكون عسكري الخليج العربي، وما تحركاتها في مياه الخليج العربي والاعتداءات على السفن العابرة في المياه الدولية، وسيطرتها على 3 عواصم لدول عربية «سورية، لبنان، العراق» وكانت تنوي إكمال سيطرتها على العاصمة العربية الرابعة صنعاء، ضمن مشروعها الفارسي الكبير، فكانت بدعمها ميليشيات الحوثيين تنوي إحكام دائرة السيطرة على حدود دول الخليج العربي، لولا أن أفشلت عاصفة الحزم أحلام الخمينيين وأتباعهم في المنطقة، فليت عرب الدماء الفارسية يدركون جيدا أن إيران لا يهمها «قضية فلسطين»، ولا تحريرها ضمن أجندات زعمائها، ولا في خطط الملالي المستقبلية محاربة إسرائيل، وإن رفعوا شعارات تحرير القدس، أو أطلقوا أسماء القدس وفلسطين على ميليشياتهم الإرهابية، كفيلق القدس وعصائب الحق، وغيرها، فكل ذلك ليس إلا لدغدغة عواطف العرب البسطاء. ومن هنا، وبهذا أختم مقالي بالقول: «ليت قادة حماس أدركوا أن عمقهم العربي خير لهم ألف مرة من أكاذيب ملالي طهران، وأنا أعلم أنهم سيدركون ذلك، ولكن قد يكون في الوقت الضائع، وليت حركة حماس سألت سيد ميليشيات حزب الله المدعوم إيرانيا، لماذا لم يحرر القدس أو مزارع شبعا من الصهاينة، وفلسطين وشبعا لا تبعد عن الضاحية الجنوبية سوى عشرات أو بضع مئات من الكيلومترات؟ بدلا من قطع آلاف الكيلومترات ليقتل الأبرياء من النساء والرجال والأطفال في سورية والعراق واليمن.

سله يا هنية أي الطرق نحو القدس أقصر وأسرع؟!