عندما عرّف العلماء الثقافة وصلوا إلى تعريف موجز قصير يسهل حفظه وتنفيذه، وهو الأخذ من كل فنّ بطرف، وهنا أصبح غالبية من يسكن الأرض في الدنيا يحمل لونا من ألوان الثقافة، باعتبار أنه يشمله هذا التعريف.

لهذا توسع أفق الثقافة إلى أبعد الحدود، فالتعليم المدرسي جزء كبير منه، بل هو كله ثقافة، ذلك أن لدى الدارسين والعلماء أطرافا من كل العلوم، ولهذا تجاوزت المملكة مفهوم التعليم إلى مفهوم الثقافة، لتصبح في كينونة كل متعلم ثقافة من نوع مختص يهتم به إنسان دون آخر.

فأنا أحب الفن التشكيلي والرسومات والإبداع والتصوير وحمل الكاميرا لالتقاط الأشياء من حولنا، فهذا مثقف في مجال الإبداع، وآخر أجاد في العلوم والفيزياء والأحياء فهو -أيضاً- مثقف في تخصصه. إذًا لا غرابة أن تتحد الوزارتان في رسالة ثقافة المجتمع، كلٌّ حسبما تحمله رسالة وزارته، ولهذا جاء توقيع الاتفاقيات بين الوزيرين ليتكامل الجميع في إرساء مفهوم الثقافة للجميع، وحتى نحصر مواطن التكرار عند هاتين الوزارتين.

ومن هنا، انتقلت المسارح في التعليم إلى منظومة الثقافة، كي يُستفاد منها في صناعة ثقافة المسرح التعليمي، عبر المسابقات الثقافية وتبادل الفكر من مخرجات التعليم، وقد شهدنا جانبا منه إبَّان تولي الدكتور عبدالعزيز السَّبيل وكالة وزارة الإعلام للثقافة أعواما طويلة، عندما كان وكيلا للثقافة، فكان الفن المسرحي والثقافة والفنون وتراث الوطن، وليالي السعودية والأيام السعودية في الخارج، وإقامة المعارض على مدى سنوات، شهدت نقلة، ثم فصلت الثقافة عن الإعلام لتبقي الثقافة تخطط وتبدع وتبحث، حتى جاء وزير جديد لها يحمل فكر القيادة في مرحلة التحول 2020، واهتمامات سيدي ولي العهد، فانتقى لها شابا يدور في فلك الإبداع، ذلكم هو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، الذي أمسك زمام الثقافة بالمفهوم الشامل، ليلتقط كل إشارة يصل خلالها بثقافة المجتمع إلى العالمية، حتى تم الالتقاء بوزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، ليعلن سموه عن فرصة جديدة لكلتا الوزارتين، وهو برنامج الابتعاث في التخصصات التعليمية التي كانت عائمة بين الوزارتين، وهنا أطلق الإعلان ليتقدم أبناء الوطن من المبدعين، ومن لهم اهتمامات بالفن المسرحي والإخراج والرسم والفن التشكيلي ومدارسه، عبر معاهد عالمية سبقتنا في ذلك طويلا، حتى يعود الخريجون ليخدموا المعاهد والأكاديميات الجديدة، وتتم صياغة الإبداع وصناعة المحتوى بأنامل الشباب الذين أخذوا منهج الرؤية الطموحة 2030، لتكون أحد المخرجات التعليمية التي قامت بها مشكورة وزارة التعليم وما زالت، وستظل هي المحور الأساسي في التعليم المبكر، لتقود فيما بعد وزارة الثقافة هؤلاء الخريجين إلى ميادين العمل وسوق الإنتاج، عبر الأكاديميات والسياحة والثقافة، التي بدأت السعودية تقطف ثمارها في موسم الدرعية ومواسم السعودية المتعددة.

شهدنا خلال العام الماضي إحدى تجارب النجاحات في العُلا، وكيف نُفذ فيها عدد من البرامج الفنية والثقافية والمسرحية، مما جعلنا نؤكد مع الإخوة في وزارة الثقافة أهمية العناية بهذه المخرجات والنجاحات، لتضاف إلى التنمية الجديدة التي قطعت شوطا كبيرا في هذه البلاد، بقيادة حكيمة من سيدي الملك -حفظه الله- وسيدي ولي العهد، الحريصين على الارتقاء بثقافة المجتمع السعودية، بدءا بمراحل التعليم وانتهاءً بالمذكرات التي وُقّعت بين الوزارتين «الثقافة والتعليم».

نُبارك للوطن هذه اللفتة وندعو للجميع بالتوفيق.