في الوقت الذي يسعى الوسطاء الإقليميون والدوليون للتهدئة وضبط النفس حتى لا ينزلق الشرق الأوسط برمته إلى سيناريو حرب طاحنة ستأتي على الأخضر واليابس، يبدو أن النظام الإيراني قد بدأ فعليا بالتحرك لتمتين علاقاته بحلفائه في المنطقة، سويعات بعد الإعلان عن مقتل الجنرال سليماني، في خطوة تهدف إلى التأكيد على قدرته على فتح جبهات قتالية موازية في حالة استهدافه مرة أخرى.

حركة حماس والتي تراوحت علاقتها بنظام الملالي بين نقيضين هما الدعم اللامحدود والجفاء، تبدو اليوم أمام فرصة تاريخية لمضاعفة حجم المساعدات التي تتلقاها من طهران، نظرا لحاجة إيران الشديدة لتثبيت موضع قدمها في منطقة في ظل التهديد الأمريكي المستمر.

تحت عنوان تقديم واجب العزاء، توجه وفد رفيع المستوى من حماس يرأسه هنية رئيس المكتب السياسي للحركة للعاصمة الإيرانية طهران للمشاركة في جنازة سليماني، إلا أن الأخبار التي تردنا من هناك تتحدث عن عقد الوفد الحمساوي العديد من الاجتماعات مع كبار المسؤولين الإيرانيين إثر انتهاء الجنازة الشعبية لسليماني، لعل أبرزهم العميد إسماعيل قاني والذي وقع تعيينه خليفة لقاسم سليماني.

العديد اعتبروا زيارة هنية لطهران بمثابة التحدي الصارخ للسلطات المصرية التي اشترطت على هنية عدم زيارة طهران خلال سلسلة المباحثات التي تمت في القاهرة، والتي انتهت بالسماح لزعيم حماس بزيارة بعض دول العالم العربي والإسلامي.

الطابع الجدي الذي اكتسته لقاءات هنية ووفده بالإيرانيين، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن زيارة الرجل لم تكن حصرا للمشاركة في جنازة الحليف الوفي للحركة، بل إن الأمر لم يكن أكثر من ذريعة لتجنب خسارة ثقة الحليف المصري، وضمان دعم إضافي للحركة التي تشكو ضعفا ماليا فادحا.

إيران التي تجمعها علاقة جد متوترة بالنظام المصري، بدت سعيدة بالموقف الحمساوي، حيث يرغب الإيرانيون على ما يبدو في التسويق لصورة مفادها بأن حماس صاحبة قرارها وليس لأي دولة وإن كانت شقيقة الحق في فرض شروطها عليها.