يتردد بعض الممارسين الصحيين وطلاب التدريب في الإبلاغ عن التنمر الذي يتعرضون له، خوفا من أن يساء فهمهم أكثر من إنصافهم، وفي هذا الصدد أوضح استشاري طب الألم والتخدير الدكتور عمر اليماني «أن ما يقع تحت مظلة التنمر يعتمد كثيرا على إحساس وتمييز الفرد الذي يتعرّض له، فعلى سبيل المثال، قد يتلقى الفرد توجيها بنقد بنّاء فيعتبره تنمّرا، لذلك الأدق تسمية الأمر بالتصرّفات الهدّامة فهو مصطلح أكثر دقةً في وصف ما يحدث.

تنمر المستشفيات

قال مدير المستشفى الجامعي بجامعة الملك عبدالعزيز سابقا الدكتور فؤاد عزب لـ»الوطن»: إن التنمر في المستشفيات يتدرج من تنمر مباشر وغير مباشر، ويعتقد أن التنمر الصادر في البيئة الطبية سببه مشاكل نفسية شخصية عند المتنمر».

أبان اليماني «أن مفهوم التنمر بدأ بوصف ما قد يتعرّض له صغار السن من زملائهم في المدارس من أذية جسدية أو كلامية، أما الموظف فهو شخص بالغ عاقل يستطيع الدفاع عن نفسه، لكنه قد يقف عاجزًا عن الدفاع عن نفسه، لأسباب كثيرة منها خشية العقاب الذي قد يصيبه».

المستشفيات الجامعية

أشار الدكتور فؤاد إلى وجود نوع من أنواع التنمر في المستشفيات الجامعية، وهو تنمر من الأطباء تجاه طلاب الطب، وغالبا يحدث ذلك لأن الطبيب دخل إلى المجال الأكاديمي وهو غير مؤهل لأن يكون معلما، وقد يخاف الطالب من التقدم بشكوى خوفا من أن قد يسيء له أكثر مما ينصفه.

تعامل المنشآت

أشار اليماني إلى «أن سياسات التعامل مع الزملاء ووجوب التحلي بالأخلاقيات مفروضة في الأنظمة من وزارة الصحة، لكن المشكلة تكمن في كيفية التعامل من المنشأة نفسها مع الحالات التي ترِد إلى المسؤولين داخل المنشآت وكذلك الحالات التي لا تردهم لخشية المتعدَّى عليه من عواقب الانتقام».

عن هذا الأمر، أشار استشاري جراحة الأطفال وحديثي الولادة الدكتور طلال المالكي إلى «أن القوانين المنظمة لتعامل الطواقم الطبية ليست بالوضوح الكافي الذي يعالج موضوع التنمر، وهي نصوص عامة وتحمل صفة التوجيه أكثر من أنها مدعمة بآليات محددة توضح ماهية التنمر وتفرض العقوبات الرادعة له، مؤكدا أنه في نهاية المطاف قد يُؤثر الطبيب الانسحاب من المواجهة خصوصا لو كان التنمر جماعيا ضده، وهنا قد تخسر المؤسسة الصحية عضوا مميزا لم تستطع المؤسسة أن تحميه وتقف إلى جواره».

ضعف اللوائح

أثبتت دراسة قام بها مارتن ج. هيسلين في مستشفى جامعة ألاباما على مدار 5 سنوات، أن أغلب تلك الممارسات (75 % منها) نتجت من ممارسين لم يُعرَف عنهم سوء التعامل من قبل، وأنها في الغالب نتجت من خلل في الأنظمة (مثل ضعف إمكانيات المستشفى، وعدم وضوح آلية لتطبيق اللوائح) ومن تزاحم المسؤوليات العاجلة كالحالات الطارئة أو التي تُعرِّض حياة المريض للخطر مثلًا.

وباقي الممارسات الهدّامة تصدر من أشخاص اشتُهِر عنهم التصرّفات الهدّامة. ولهذا السبب تحتاج المنشآت الصحيّة إلى نظام فاعل ذي ذراعين، الذراع الأولى، تخص آليات التعامل مع الأشخاص الذين تصدر منهم تلك التصرفات، والذراع الثانية، التي لا تقل أهميّةً، وربما تزيد، تخص معالجة الأنظمة والبيئة التي قد تدفع حتى الخلوق المهذّب إلى إساءة التصرّف دون قصد.

المادة 24 من لائحة نظام مزاولة المهن الصحية:

-يجب أن تقوم العلاقات بين الممارس الصحي وغيره من الممارسين على أساس من التعاون والثقة المتبادلة

-يحظر على الممارس الصحي الكيد لزميله أو الانتقاص من مكانته العلمية أو الأدبية, أو ترديد الإشاعات التي تسيء إليه

-يحظر عليه محاولة اجتذاب المرضى الذين يعالجون لدى زميله، أو العاملين معه أو صرفهم عنه بطريق مباشر أو غير مباشر