ولد المواطن (زغلول) في دولة إسكندنافية وتلقى تعليمه بمدارسها، وكان «أبو الزغاليل» -كما كان يحب أن يلقبه أصحابه- فتى رائعا خجولا محبوبا من الجميع، كان محظوظا ببعثة الدولة المجانية إلى القارة الجديدة (الأمريكية)، ورجع بعد عشر سنوات من البعثة مدججا بالشهادات والخبرات والطاقة لخدمة بلده والأمة الإسكندنافية، وفي أثناء البعثة تعرف على صديقه اللامع (خليل).

رجع أبو الزغاليل لقسمه نافخا ريشه منتقدا كل شيء أمامه، بل سمم عقول بعض الزملاء بأن التعامل مع الطلاب فيه شيء من اللين والتساهل، وكان (خليل) هو الأب الحنون للطلاب (الضعوف)، يعلمهم، يحميهم ويعاملهم كأبنائه.

أصبح أبو الزغاليل أسطورة رعب بالكلية التي يدرّس فيها، لا يرد السلام، لا يبتسم، إذا كان هو الممتحن فأنت (راسب) حتى إشعار آخر، إذا أردت مناداته عليك استخدام كلمة (بروف)، ويا ويلك ويا سواد ليلك تقول (دكتور)، أما (خليل) فقد كان طيب الذكر، حسن المعشر وكريما مع طلابه الذين أحبوا تواضعه وكرهوا أبا الزغاليل الذي كان يمشي منتشيا كأنه حقق جائزة نوبل، وبالحقيقة جميع إنجازاته هي الشهادات اليتيمة، وبعدها رأس (شيشة) أو (زغلول) أو (معسل) من (الجراك) السويدي الأصيل.

بعد زمن بسيط زج أبو الزغاليل بجميع أبنائه وأزواج ككادر تعليمي كتضحية منه لخدمة العلم والتعليم، وكله بالنظام وبالدرجات، ومع زغلول (الأوروبي) مش (حتقدر تغمض عينيك).

على الرغم من أن (خليل) كان يعلم الطلاب أن اجتهادهم هو الأساس وليس مكان الشهادة، إلا أن أبا الزغاليل اشتهر بمقولته عندما كنّا بـ(بأمريكا) و(الدول المتقدمة)، ويوهم الجميع أنه كان نجم الحفلة، وأن البيض (الشقر) أقاموا حفلات بكاء وعويل حين انتهت بعثته، طبعا مع (الشللية) التي زرعها أبو الزغاليل أصبح (بروفيسورا) في بضع سنوات، ولا تسأل عن أين ومتى نشر أبحاثه لكي لا ينطبق عليك قول العلي الحكيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).

أخيرا، وبعد زمن طويل عاد (المستأسد) زغلول لموقعه ومكتبه المتهالك الذي يضربه الشتاء الإسكندنافي القارس، وأما (خليل) فقد رزقه الله بأن أصبح وزيرا بتخصصه وبثروة طائلة من المحبة والاحترام والتقدير، ولن يدرك البروف زغلول حجم جرائمه حتى يلتقي بطلابه ذات يوم (يتصددون) عنه ويرددون (لا جزاه) الله خيرا، حينها يتنهد أبو الزغاليل قائلا ليت اللي جرى ما كان.