في عام 2011، نظّمت وزارة التعليم ورشة عن النموذج السعودي للتعليم، تحت إدارة مستشار التعليم الماليزي. يومها وقف الرجل وسأل قيادات التعليم في تلك الفترة سؤالا مهما عما نريده -كسعوديين- من التعليم؟.

لم ينتظر إجابة، بل بادر بالقول إن الجدول المدرسي ليوم دراسي في مدرسة سعودية يستطيع أن يخبرك بوضوح، أن الهدف من التعليم في السعودية ليس إصلاح الاقتصاد، وأشار بلطف بالغ إلى عدد مواد الدين وهيمنتها على حصص الطالب ونصيبه من التعليم، مقارنة بالعلوم والرياضيات. لن أخبركم برد فعل قيادات التعليم في تلك الفترة، وبإمكانكم توقعها، لكن نتيجتها كانت فشل المستشار في احتواء الورشة.

على كل حال، سأحاول أن أكون أكثر لطفا منه، وأقول: إن تدريس الدين أو مجرد نشأة الطفل في بيئة متدينة، حصلت على اهتمام بحثي كبير، خاصة في محاولة فهم مسألة هل يؤثر الدين في مهارات الأطفال الاجتماعية والأكاديمية؟ أحد المهتمين كان الدكتور John Bartkowski، أستاذ علم الاجتماع في جامعة تكساس، الذي أجرى دراستين: الأولى، كانت فريدة من نوعها، إذ استخدم البيانات الوطنية لتتبع تأثير الدين في الأطفال. والثانية، شارك آخرين في دراسة تأثير الوالدين المتدينين على الأطفال بمرحلة الطفولة المبكرة حول ما يخص مهاراتهم.

كتا الدراستين أثبتتا أن الدين قادر على خلق إنسان متكيف مع المجتمع، ماهر اجتماعيا، لكنه ليس بهذا القدر أكاديميا، خاصة فيما يتعلق بالرياضيات والعلوم والقراءة، أي أنه أثر سلبا في مهارات الأطفال.

ماذا لو درس أحد الباحثين السعوديين -وبحيادية- تأثير هيمنة مواد الدين عندنا، وهل أدت إلى وجود أشخاص ناجحين اجتماعيا، خاصة أن المسيحية تختلف عن الإسلام. كما ليته يتطرق إلى تأثير هذه الهيمنة في هدف الرؤية من أن يصبح التعليم داعما للاقتصاد الوطني، وحلا لمشكلاته، بطلاب لديهم مهارات علمية فائقة تدفع عجلة التنمية في وطننا العظيم، والذي تدفع قيادته أحد أكبر الميزانيات المخصصة للتعليم في العالم، وتنتظر عائدات لا تغطي ما دُفع في هذا الاستثمار، بل تحقق أرباحا اقتصادية تناسب تطلعات القيادة والشعب.