ديالكتيك، كثيرا ما أثارت نظرية كارل ماركس المتعلقة بالديالكتيك (أو الصراع الطبقي بين البلوريتاريا وبين أقطاب الرأسمالية، والتي تنتهي بحسب كارل ماركس إلى انتصار الطبقة المسحوقة من البلوريتاريا - العمال المسحوقون - على النخب الاقتصادية، من أصحاب رؤوس الأموال)، انتباهي تارة، وشغفي تارة أخرى، وحنقي عليها في أحيان عدة، وكنت أحاول أن أشم أي رائحة لتمثل هذا الصراع، في كل نواحي الحياة الاقتصادية. صراحة لم أجده، ولكنني وجدت أن نظرية كارل ماركس في الديالكتيك (جدل الصراع الطبقي)، قد بدأت تظهر بوادرها بوضوح كبير جدا، ولكن ليس في مجال الاقتصاد، كما توهم كارل ماركس، وإنما في مجال الاجتماع والثقافة.

ما نشهده اليوم هو «هوجة» الطبقة الجاهلة (البلوريتاريا الثقافية)، والفقيرة في ما تملكه من أدوات معرفة، والتي تتميز بالسطحية والجهل والبساطة الفكرية والأخلاقية، ضد صروح ومنظومات المعرفة والعلم والتطور، بل ضد كل طبقة (الإنتليجنسيا- النخب والطبقات العلمية والفكرية)، هي خير تمثيل واضح وصارخ لثورة هذا النوع من البلوريتاريا، والذي تنبأ ماركس بشبيهه، ولكن في صراع طبقي اقتصادي، حيث بدأت ملامح «هوجة» خفية تنتشر رويدا رويدا، عمادها عوام الطبقة المسحوقة ثقافيا وعلميا.

مجال الديالكتيك الماركسي اليوم - حسب وجهة نظري - هو ليس الاقتصاد، بل بات المجال الثقافي (الإلكتروني عبر أدوات التواصل الاجتماعي) هو مجاله الأكبر والأعظم، بل وباتت دول وأحزاب وتيارات سياسية وأكاديمية تتعمد تصدير شخصيات هزيلة في محتواها العلمي والمعرفي، في واجهات علمية وسياسية، من أجل إرضاء قطب الصراع الأقوى المعادي لكل أنواع النخبوية المعرفية والرصانة العلمية، وأقصد بهذا القطب الأقوى هو: عوام الجمهور.!!