هناك أناس لا فائدة لهم ولا منهم، يقال لهم الاقتصاديون، ورغم أنه لا فائدة لهم في الحياة، إلا أن الدول العظمى تضخ لهم رواتب تتجاوز بعضها الأرقام الفلكية، لأنهم يعتقدون أن لهم فائدة (عكسنا).

وإن سألت أحداً من قياديي التوظيف في هذه الدول، عن سبب هذه المبالغة في ارتفاع أجور ورواتب هؤلاء (عديمي الفائدة)، سيجيبك بعدة أسباب تجعلهم ذا أهمية بالنسبة له وليس بالنسبة لنا، وقد تكون إحداها بأن أسعار السلع تتحدد من (تحت أيديهم)، بناء على قاعدة اقتصادية تحدد أن سعر أي منتج تقريبا حول العالم يحدد بناء على العرض والطلب، وعدة عوامل أخرى منها المواد المستخدمة وندرتها وطبيعة صناعتها و.... و.... و... من التفاصيل التي (تصدع الرأس) ولا فائدة منها كذلك.

بالفعل ليس مبالغة إن وصفوا بعديمي الفائدة وغيرها من الألقاب التي تظهر تهميش ما يقومون به، فهذا هو الحال لدى من يسوق ويروج ويتاجر و(يبيع ويشتري) بمنتجات وخدمات الأفراح في السعودية بشكل عام، وبعض المناطق بشكل خاص، والتي تلحق بركب التطور متأخرة نوعا ما مقارنة بالمدن الكبرى، والتي تجلب الفكرة وتلقيها على بقية المقلدين من المدن الصغيرة الأخرى.

إليكم بعض أسعار المنتجات الفعلية وتسعيرة تأجيرها والخدمات المرافقة لها والتي كانت قيد التنفيذ في هذه الإجازة القصيرة بين الفصلين الدراسيين، وأغلب العرسان (أخذوها على دماغهم) مكرهين لا أبطالا.

فستان الزفاف إن كان سعر الشراء له 10 آلاف ريال، فقيمة تأجيره ليوم واحد هي 3 آلاف ريال، وخصوصا إن كان جديدا (أي لم تتبرك به عروس من قبل ولم تنقص بركاته التي تجلب الحظ السعيد والجيب التعيس)، فلا تحاول أن يكون إيجاره أقل من هذا السعر، ولا تنسى أنه إيجار ليوم واحد وليس لتطير به هذه العروسة إلى مجرات قريبة وتعود بـ(ورق عنب) من هناك.

أما إن حضرت لهذه العروس كوافيرة، فلن تتقاضى أقل من ألفين إلى ثلاثة آلاف ريال في الليالي غير الموسمية، وكأنها نسيت أن طلاء واجهة عمارة يبقى ما بقيت الحياة تدب في هذه العمارة، ولن يكلف هذا المبلغ، فما بالك بـ(بوية وكريمات) لساعات محدودة، وستذهب أدراج الرياح بعد هطول دموع وداع العروسة لأهلها في نهاية الزفاف.

ولو بقي في جيب هذه العروسة أو جيب (من خلفوها) مجموعة من الريالات، وقامت بطلب مصورة أعراس متخصصة، فعليها أن تحضر مبلغا من المال أكثر من الأجر الذي دفعته للكوافيرة، علما بأن شراء الكاميرا وشراء برنامج متخصص للتصميم ودمج الصور و.... و.... و.... لن تكلف هذا المبلغ الذي تسلمته هذه المصورة في مرة واحدة، وهذا يعني أن بقية العمل على هذه الكاميرا ولو لمدة سنوات قادمة سيكون كله من فئات الأرباح، لأن إيجار معداتها في ليل واحد يفوق قيمة المعدات، فأصبح الإيجار مرة واحدة يفوق قيمة المنتج وليس ثلثه كما حصل مع الفستان، وهذا كله ولم نذهب لبقية التفاصيل الفلكية الأخرى.

خلاصة القول، إن كان هناك اقتصادي يريد أن يعرف أن لا فائدة لحياته المهدرة التي أمضاها بين جنبات الجامعة والحياة العلمية والعملية، فعليه أن يذهب لوضع أسعار واضحة ومحددة لمنتجات الأعراس عندنا، وسيعرف أنه من الهين عليه أن (يبلط البحر).