من الكتب المدرسية التي يدرسها الطلبة في نظام المقررات في الثانوية العامة مقرر «المهارات الحياتية والتربية الأسرية»، ويحتوي على خمس وحدات دراسية: المهارات الشخصية والاجتماعية، ومهارات تدعيم الاستقرار الأسري وتفعيل الأدوار والمسؤوليات، ومهارات التفكير، ومهارات استثمار الوقت، وتنمية الوعي المجتمعي والولاء الوطني، وكل وُحدة تندرج تحتها مجموعة من الموضوعات، وهذا الكتاب كما دُون في مقدمته أنه «يتعامل مع جملة من المهارات الأساسية التي من شأنها زيادة فاعلية الشخصية وتنمية قدراتها ويسعى إلى تقديمها بشكل مُيسر للطالب والطالبة حتى يتحقق الهدف الذي نرجوه جميعا»، وفي نهاية المقدمة «وفي هذا الكتاب والذي يُعد جديدا في الميدان التربوي نأمل أن يستزيد منه أبناؤنا وبناتنا في مهاراتهم الحياتية، وأن يكون لهم دليلا في التعامل المجتمعي وفي العلاقات الاجتماعية والأسرية».

ولعدم الإطالة سوف أستعرض محتويات ثلاث وحدات وما يندرج تحتها، فالوحدة الأولى: المهارات الشخصية والاجتماعية، وفيها إدارة الصراع، والتعاون، والعمل ضمن فريق، والتواصل مع الآخرين، والوحدة الثالثة: مهارات التفكير وتحتوي مهارة اتخاذ القرار، ومهارة حل المشكلات وإدارتها، ومهارة تحديد الأهداف الشخصية، ومهارة معالجة الأفكار، ومهارة التفكير الناقد، والوحدة الخامسة تنمية الوعي المجتمعي والولاء الوطني وفيها: تطبيق النظام والمحافظة عليه، والذوق العام، والوطنية والمواطنة، والسلوك المسؤول، والتطوع.

ويتضح مما سبق أن هذا المقرر يُقدم للطلبة مهارات شخصية واجتماعية ودينية وسلوكية وفكرية ووطنية، وأن هذه الموضوعات التي احتواها تم اختيارها بعناية فائقة من إدارة المناهج التربوية والتعليمية بوزارة التعليم، وأن الوحدات الدراسية تتعاضد مع بعضها وتتألف من دروس واقعية وعَمَلية وحياتية لا يستطيع الطلبة الاستغناء عنها، فهي في صميم تعاملاتهم واحتياجاتهم، وضرورية لبناء شخصياتهم على أساس سليم ويُساعدهم على تشخيص أهدافهم وحل مشكلاتهم وتنمية مواهبهم واستغلال ميولهم ومعرفة واجباتهم والدور المأمول منهم.

ولكن المتفحص في هذا المقرر يُلاحظ عليه ما يلي:

1. أنه مقرر نظري يطرح جميع الموضوعات بشكل معلوماتي وسردي ويميل إلى لغة الكتاب والقراءة فيه والاعتماد على الذات في تحصيل مضمونه وفهم محتوياته.

2. يُركز التقييم فيه على الحفظ والاستظهار واستدعاء المعلومات بعد كل درس كأي كتاب مدرسي من أجل الاختبار ونيل الدرجات فيه.

3. ينتهي كل درس فيه بأدوات الأسئلة التقليدية: عرّف، اذكر، علل، على ضوء ما درست حدد، ابحث، قارن، ما أهم، ما المقصود، وضّح، ناقش من وجهة نظرك ما، استشهد، ضع علامة صح وعلامة خطأ أمام العبارة، هل، عدد، صل في العمود.. إلخ.

4. غياب الأنشطة العملية الفردية والجماعية داخل المدرسة وخارجها بعد كل درس، وانعدام المشروعات والإنتاج الفردي والجماعي والزيارات الميدانية للبيئة المحلية والمشاهدات والمشاركات الفردية في جميع الموضوعات.

5. الاعتماد على الطريقة الإلقائية من قبل المعلمين في شرح الدروس والمهارات، وإسنادها إلى معلمي المواد الاجتماعية وقليلي النصاب التدريسي من بعض التخصصات.

6. الاختبار في المقرر مقالي بحت بحيث تُقدم مجموعة من الأسئلة ويتم الإجابة عليها واحتساب الدرجات النهائية.

7. لا يُوجد أي نوع من أنواع القياس العملي في بيئة المدرسة وخارجها حول مدى استفادة الطلبة من المقرر في حياتهم العملية وانعكاسه على شخصياتهم وسلوكهم.

أخيرا.. ما أردتُ الإشارة إليه أن الجانب العملي والتطبيقي لصقل مهارات الطلبة وتنميتها واستثمارها في أغلب المقررات الدراسية قليل في البيئة المدرسية، وأن أدوات التدريب العملي على المهارات الحياتية غير موجودة، وأن مثل هذا المقرر الجميل والرائع في شكله ومحتواه ينتظر العمل الجاد في أن تكون مفرداته العملية واقعا في سلوك وأداء أبنائنا الطلاب، حتى لا تكون المهارات الحياتية والتربية الأسرية مقررا دراسيا لا أثر له.