بعد فشله في عرقلة التعاون المصري اليوناني القبرصي، خاصة في مجال استغلال الثروات في المياه الإقليمية، واستخراج الغاز منها في منطقة شرق المتوسط، سعى النظام التركي إلى محاولة الخروج من أزماته الداخلية والإقليمية، بفرض نفوذه على ليبيا بالتعاون مع حكومة الوفاق الليبي، التي لا تمتلك رؤية إستراتيجية ولا خبرة، حيال تفاعلات العلاقات الإقليمية وكيفية تأثيرها في مرتكزات الأمن القومي العربي، وذلك بعقدها اتفاقا ثنائيا للتعاون، وهو الأمر الذي استغلته الحكومة التركية في حثّ برلمانها على الموافقة لنقل قوات تركية إلى ليبيا، وكانت تركيا قد صرّحت بأنها بدأت بالفعل في نقل مستشارين عسكريين من المخابرات العسكرية، وما لا يقل عن ألف مقاتل من المرتزقة الموالين لها، من سورية إلى طرابلس، للتمهيد لاستقبال قواتها ومدرعاتها القادمة لاستخدام الأراضي الليبية، لخلق مجال حيوي لها في منطقة المتوسط، وتهديد الحدود المصرية الغربية، وذلك ضمن سياستها التوسعية في المنطقة، سواء في سورية أو ليبيا أو غيرها، مستغلة انشغال النظام العربي بالأزمات المتفجرة في أرجاء الوطن العربي.

تعدّ ليبيا أحد أهم أعمدة الأمن القومي العربي، والمصري على وجه الخصوص، وتشكل هي ومصر عمقا إستراتيجيا متبادلا، نظرا لطول الحدود المشتركة بينهما، وتتسبب تلك الممارسات التركية في زيادة التوتر الإقليمي والذي قد يقود إلى مواجهة عسكرية محتملة.

وقد عبرت مصر والدول العربية، وبعض الدول الأوروبية الصديقة، عن إدانتها للممارسات العدوانية التي يدير بها إردوغان سلطته في تركيا والإقليم، وأعلن الجيش الليبي الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، والقبائل وأبناء الشعب الليبي الشرفاء، الاستعداد لردع العدوان التركي الطامع في خيرات ليبيا.

ومن جانبها، قامت القوات البحرية المصرية بمناورتين بحريتين، بمشاركة حاملة الطائرات والقطع البحرية والغواصات، لتوصيل رسالة ردع إلى من تسول له نفسه المساس بالمصالح الاقتصادية المصرية، أو العبث بالأمن القومي العربي، وهناك اتجاه وتحركات دولية واسعة، لفرض حظر طيران، خاصة في طرابلس، لمنع الطائرات التركية من نقل المقاتلين والمعدات إلى ليبيا.

ومن الملاحظ أن تركيا تتدخل في دول الإقليم كلما اقتربت الأزمات فيها من الحل. تدخلت في سورية بعد أن أوشكت المواجهات على النهاية، لخلق وضع مضطرب، وتدخلت في ليبيا مع قرب تطهير الجيش الوطني الليبي طرابلس العاصمة من المقاتلين.

السياسة التي يتبعها إردوغان في الجوار الإقليمي، باتت محل جدل كبير واستياء كثير من الدول، والتي قد تقود تركيا إلى العزلة وربما الفوضى.