بينما كشف تحقيق ميداني أجرته مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس»، وجود مسلحين سوريين على جبهات القتال في العاصمة الليبية طرابلس تدعمهم حكومة أنقرة، وصل الرئيس التركي رجب إردوغان إلى الجزائر العاصمة، أمس، في زيارة ليومين وتتناول الوضع في ليبيا التي تشهد هدنة هشة وتمثل أزمة إقليمية تسعى الجزائر للتوسط لحلها.

التناقضات التركية

تناقض أنقرة نفسها حول وجود المرتزقة في ليبيا وكذلك إيقاف التسليح، إذ إنها تروج للعملية السلمية في البلاد ولكنها تفعل العكس، كما تقول مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس»، وزار صحفي يعمل لصالح المجلة تجمعا لهؤلاء المسلحين في إحدى مناطق طرابلس، وسجل شهادات بعضهم، ومن بينهم قائد مجموعة قتالية محددة، ذكر أن عددهم نحو 500 مسلح، وأنهم جزء من كتيبة كبيرة تضم نحو ألفي مسلح.

يمضي هذا القائد الميداني إلى القول، إن المسلحين بدؤوا بالتوافد على طرابلس منذ نحو شهر، ومعهم عسكريون من الجيش التركي، وإن هناك خططا لإرسال ستة آلاف مسلح تباعا.

ميليشيا السلطان مراد

تقول المجلة: إن إردوغان يسعى لزيادة قوة تركيا «الجيوسياسية»، لكنه لا يستطيع القيام بمغامرة عسكرية بجنود أتراك في ليبيا، التي يمكن أن تتحول وفقا لوصفها إلى مستنقع لتركيا، وفي ضوء هذه المخاطر، يصبح إرسال مسلحين سوريين حلا آمنا لإردوغان.

لكن إذا كان مسلحون سوريون هم من يتولون تنفيذ طموحات إردوغان في ليبيا، فما المقابل الذي يحصلون عليه.

وتكشف «نيويورك ريفيو أوف بوكس» أن المقابل، راتب شهري يصل إلى ألفي دولار، ووعد بالجنسية التركية، وذلك بحسب المقاتلين الذين ذكر بعضهم أنهم جزء من ميليشيات كبيرة تحمل اسم أحد سلاطين العثمانيين وهو «السلطان مراد»، وتضم مسلحين تركمانا.

كيفية الوصول إلى ليبيا

تنقل المجلة عن المسلحين، القول إنهم وصلوا عبر مطار طرابلس على متن طائرة عسكرية تركية، أقلعت من مطار إسطنبول. ويعمل المسلحون تحت قيادة غرفة عمليات داخل المطار تضم ضباطا أتراكا، يتولون التنسيق بين قادة الميليشيات الليبية التابعة لـ»حكومة الوفاق»، والميليشيات السورية الوافدة.

ربما لا يقدم الكشف عن وجود مسلحين سوريين في ليبيا جديدا، لكنه يوثق وجودهم بالأرقام والأماكن والجنسيات والمهام وكيفية إدارة تركيا للعمليات.

أسف أممي

أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن أسفها لاستمرار انتهاك «حظر التسليح» في البلاد، رغم التعهدات التي قدمتها الدول المعنية بوقف تزويد أطراف الصراع بالسلاح خلال مؤتمر برلين الأسبوع الماضي.

وقالت بعثة الأمم المتحدة في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي في وقت متأخر من ليل السبت: إنها «تأسف أشد الأسف للانتهاكات الصارخة المستمرة لحظر التسليح في ليبيا»، الذي ينص عليه قرار مجلس الأمن 1970 الصادر عام 2011، «حتى بعد الالتزامات التي تعهدت بها البلدان المعنية خلال المؤتمر الدولي الذي عقد في برلين حول ليبيا».

وتعهدت الدول التي شاركت في المؤتمر، باحترام «حظر تسليم الأسلحة» لطرفي النزاع في ليبيا، حكومة الوفاق الوطني في طرابلس ومعسكر المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد.

كما التزمت الدول المشاركة في برلين من بينها تركيا الداعمة لحكومة الوفاق الوطني بعدم التدخل في الشؤون الليبية أو تمويل «القدرات العسكرية أو تجنيد مرتزقة» لصالح مختلف الأطراف.

ودعت أيضاً «كل الأطراف المعنية إلى مضاعفة الجهود من أجل وقف الأعمال العدائية بصورة دائمة، وخفض التصعيد ووقف إطلاق النار».