يحتفل المجتمع الدولي هذه الأيام بذكرى محرقة اليهود التي راح ضحيتها الملايين. تشير المحرقة أو ما يسمى بالهولوكوست إلى فترة من تاريخ الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، والتي شهدت قتل ملايين اليهود على أساس عرقي، ودُبرت عمليات القتل من قبل الحزب النازي الألماني، بقيادة هتلر، الذي كان يستهدف اليهود بشكل رئيس، لذا فالعدد الأكبر من ضحايا المحرقة كان من اليهود. وتشير الأرقام إلى أن 7 من كل 10 من اليهود في أوروبا قُتلوا بسبب هوياتهم. ليس ذلك فحسب بل قتل النازيون مجموعات أخرى من البشر، بما فيهم الغجر وذوو الإعاقة وغيرهم. كان الهولوكوست مثالاً للإبادة الجماعية التي تعني قتل مجموعة كبيرة من البشر، عادة بسبب انتمائهم لجنسية أو عرق أو دين معين.

نحن في هذه المناسبة نقف جميعا مع الإنسانية ونرفض الكراهية بكل أنواعها سواء على أساس اللون أو العرق أو الدين، في هذه المناسبة نتذكر معا كل الملايين من هذه الأرواح حتى لا تتكرر مثل الأحداث من جديد.

السؤال المطروح: كيف ينظر الصهاينة لهذه المحرقة؟ هل يرفضونها استنكارا للكراهية الفجة من قبل هتلر وأعوانه؟

في إحدى خطابات الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، وصف جرائم صدام حسين ضد جيرانه بجرائم هتلر، استنكر الصهاينة هذه التعبيرات التي صدرت من بوش، وطالبوه بسحب مقارنته صدام حسين بهتلر، وأن عليه الاعتذار للشعب اليهودي، حيث يمثل هتلر بالنسبة لهم خطا أحمر، لا يجب أن يستخدم كمثال، مهما كلف الأمر. فهم يعتبرون جرائمه ضد اليهود، فريدة من نوعها لم يسبقها ولن يرتكب مثلها في التاريخ، ولهذا يرون أن كل العالم، ماضيه وحاضره ومستقبله، مدين للشعب اليهودي بالتكفير عن خطيئة هتلر، ولو سألتهم عن سفكهم دماء الفلسطينيين وتدنيس مقدساتهم، لا يرونها شيئا مقارنة مع محرقة الهولوكوست!

وفي المقابل نجد أن بعض المنظمات اليهودية الموزعة في بعض دول العالم يتهم إسرائيل بأنها هي من تثير العنصرية ضد اليهود في العالم، بممارساتها القمعية والوحشية وغير الإنسانية ضد الشعب الفلسطيني؛ وهي من ستعرض اليهود لمجازر ومحارق لن تحمد عقباها. إن الصهيونية اليمينية المتطرفة التي تعتقد بالأساطير التوراتية والصهيو مسيحية الغابرة، هي العدو الأول للسامية، يهودا أحرارا كانوا أم عربا. القضية الفلسطينية ليست نزاعا دينيا وإنما صراع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، والدين اليهودي أطهر من أن يحمل الصلف والجرم الصهيوني، حتى ولو حاول الصهاينة إيهام اليهود بأنهم ينفذون وصايا الأنبياء موسى وداود وسليمان، عليهم السلام.

وأنا هنا في هذه المناسبة أطالب الأمم المتحدة والمنظمات العربية بيوم دولي لذكرى الآلاف من الشهداء من شعبنا الفلسطيني الذين قتلوا عنصريا من قبل الصهاينة، خاصة أن الأمم المتحدة قد أدانت الحركة الصهيونية، منذ إنشائها كمنظمة دولية، ووصمتها بالحركة العنصرية. وأكثر من ثلاثة آلاف حركة مجتمع مدني عالمية، وقفت سدا منيعا، ضد نزع صفة العنصرية عن الحركة الصهيونية العالمية.