عندما يعلم عدوك أن لديك ثغرة فإنه منطقيا سيعاود مهاجمتك منها مرارا وتكرارا ما لم تقم بسدها!.

هذا حالنا مع الهجوم الجديد على المملكة وعلى ولي العهد بخصوص ما يدّعونه من تهكير هاتف رئيس أمازون جيف بيزوس، وكان رد وزير الخارجية واضحا على سخافة هذه الادعاءات، وأنه لا أدلة من جهة محايدة.

موضوع المقال، يركز على ما الهدف من هذه الإثارة الصحفية الآن، ويبدو أن الميديا ووكالات الأخبار ـ من الترتيبات وانتشار الموضوع بسرعة ومحاولة إذكاء ناره ـ قد بدأت تنسق حملة إعلامية شعواء جديدة ضد المملكة.

قبل ما يقرب من أربعة أشهر، كتبت سيناريو هذه الحملة الحالية بالتفصيل الممل، وكأننا نراها أمام أعيننا، وقلت في مقال «حاجة السعودية لإعلام خارجي صلب»

https://www.alwatan.com.sa/article/1024933/-

وهنا أنقل نصا «وكانت اللعبة واضحة للجميع، من هم وراء الحملة أرادوا استخدام اسم (الأمم المتحدة) ليظهر أن التحقيق موضوعي ومن جهة محايدة مثل الأمم المتحدة، فليس الجميع يعرف أن هذا التحقيق شخصي، ولم تقم الأمم المتحدة بتكليفها به، أصلا لا يجوز لها لو كان تحقيقا رسميا أن تعلن ما أعلنته من اتهامات وعدائية ضد المملكة حتى قبل التحقيق. كنا نعرف تماما حتى قبل نشر تقرير كالامار الشخصي، أن وسائل الإعلام العالمية ستقوم بحذف كلمات (تحقيق شخصي لاغينيس كالامار المحققة في الأمم المتحدة)، وستختصر إلى (تحقيق الأمم المتحدة)، لكي تستخدمه في مقالاتها ونشراتها. للأسف الشديد رغم وضوح العملية، لم يتم الرد».

لقد تم إعادة نفس اللعبة بالحرف، في موضوع هاتف بيزوس، إحضار اثنين من الأمم المتحدة يرددان ما يقوله تقرير خارجي، والميديا ستضع أنه تقرير الأمم المتحدة حتى يكتسب مصداقية ويتم الانتشار والتوزيع.

تشعر بالأسى أن تحذر من نقطة وتكتب فيها أكثر من مرة دون تفاديها.

الآن يتم استخدام اسم الأمم المتحدة لمهاجمتنا، وسيتكرر الموضوع ما لم يتم تلافيه والضغط باتجاه غلق هذه النقطة!.

والسؤال أين بعثاتنا في الخارج؟، الموضوع ليس فقط ردة فعل بل الوقاية أهم، ومعرفة الأحداث قبل وقوعها، ووضع خطط لتلافيها من خلال الطرق المعروفة في عالم السياسة وليس فقط إلقاء خطابات.

نعرف جيداً أن إعلامنا الخارجي عليه ملاحظات عدة، وتكلم فيه الآلاف، وأن إعلامنا يكلم نفسه غالبا، لكن ما زلت لا أفهم إذا كنا نحن الناس العاديين نتوقع الأحداث، فكيف لبعثاتنا في الخارج ورغم علاقاتها وقربها ألا ترى الصورة وتحول دون وقوع الأضرار مع إمكانياتها وعلاقاتها!.

طالبنا أكثر من مرة بتغيير العديد من طواقم بعثاتنا المهمة بالخارج، وقلنا إن أداءهم في الأزمات الأخيرة دون المأمول، نريد أناسا يواصلون الليل مع النهار من أجل مصالح السعودية، نريد أناسا علاقاتهم متشعبة ويشمون الأمور قبل أن تتحول علنية ويبطلون مفعولها. منذ الحملة الشعواء بموضوع خاشقجي، ماذا تغيرَ في إعلامنا الخارجي أو حتى أداء سفاراتنا، أو طريقة تعاملنا مع الحملات الإعلامية المرتبة الشعواء والحاقدة على كل ما هو سعودي؟!.

هذه الحملات لا تستهدف فقط ولي العهد، ولكن تستهدف السعودية ككل؛ لأن الأمير محمد بن سلمان يمثل السعودية الجديدة، وشرحت سابقا في مقال «لماذا محمد بن سلمان».

الآن هناك ترتيبات معينة واتفاق بين أعداء السعودية من اليساريين واللوبي الإيراني والإخوان ومن يساندهم من دول لاستهداف السعودية وابن سلمان، وعندهم غرفة عمليات وعندهم ملفات عدة بغض النظر عن صحتها، وعندهم آلة إعلامية وشبكة معارف إعلامية، كلما انقضى ملف وخف وهجه أحضروا ملفا جديدا للنشر والتداول؛ لأنهم يعرفون أن نقطة الضعف هي الإعلام الخارجي وأداء سفاراتنا بالخارج، فركزوا وسيركزون مستقبلا عليها إلى أن يتم سدها. إن عدوك إذا وجد نقطة ضعف سيلتصق بها ويعاد استخدامها تكرارا وهناك حملات أخرى مستقبلا ما لم يتم تلافيها!.

كلما نجحت المملكة في حدث لتحسين صورتها وكلف ذلك كثيرا من الجهد والمال، قامت غرفة مهاجمة السعودية بإخراج ملف جديد، والموضوع رخيص، كلها كم عميل صحفي وكم موظف من الأمم المتحدة مدفوع كالببغاء يردد ما يملونه عليهم.

هم الآن يريدون ضرب علاقة محمد بن سلمان مع رجال الأعمال العالميين الذي لهم دور مؤثر في الاقتصاد العالمي وليس جيف بيزوس؛ لأنهم يعرفون أن التواصل المباشر هو ما ينجز الصفقات الكبرى، ويريدون إشعار الاقتصاديين بالخشية من التواصل المباشر مع ولي العهد.

كتبت وغيري عن تواضع الإعلام الخارجي وضعف أداء بعض دبلوماسيينا في الخارج، والسؤال بعد مرور سنوات ما الذي تغير؟.

نحن نعرف الحملات الإعلامية الخارجية وكيف تُدار باحترافية وانتشار وخطط علمية حتى تصل مبتغاها؛ لأنه صار لنا سنين (شيل وحط معهم)؛ ولأننا يوميا نقوم بما نستطيع للرد عليهم لذلك نعرف أساليبهم، لكن في نهاية اليوم نحن مجرد متطوعين من بعض السعوديين والخليجيين بحسبِ وقتنا ودون تنسيق أو خطة شاملة.

سألت أحد الزملاء: لماذا الذين يدافعون عن المملكة في الإعلام الخارجي هم ثلة فقط؟، وكانت إجابته غريبة، ولا أعلم إن كانت واقعية، فقال «بعض الذين يعرفون يتعاملون مع العقلية الغربية ويتكلمون اللغة باحترافية ينشطون باللغة العربية من أجل الظهور الإعلامي والبهرجة والتعزيز من المتابعين والمصالح، وأيضا التقارير التي ترفع عنهم تكون جيدة وربما يبحثون عن القرب، بينما أنتم الذين تنشطون في اللغات الأجنبية والإعلام الدولي من يدري عنكم!؟، حتى الإعلام الخارجي ليس له تلك الأهمية وليس له سوق بين المتابعين؛ لأن الكثير منهم لا يفهمكم، فرددت عليه: «إن الموضوع تطوعي، وأنا أعرف كثيرا من هؤلاء المتطوعين ليس لهم أي مصالح تذكر إلا حبهم لأوطانهم، وعموما نحن لا نقارن مثلا بجنود الحد الجنوبي الذين يضحون بأرواحهم ودمائهم ولا يريدون من ذلك لا متابعين ولا رغبة في الظهور الإعلامي بل حماية دينهم وحبهم لوطنهم».