حينما يقصّر أحد في شركته «الخاصة» من الناحية الإدارية، فهو الخاسر الوحيد، وحينما يوغل في فساد مالي لشراء التطبيل والتضليل، فهو يدفع من جيبه الخاص.

ولكن حينما يقصّر المسؤول في القطاع العام، من حيث «وهمية» إنجازاته، ثم يزيد طين الفشل ببلة الفساد المالي، حين يدفع من المال العام للتطبيل لإنجازات هلامية، فهنا يجمع بين فسادين: «إداري» بالتقصير، و«مالي» بالاعتداء على المال العام، وبالتالي يكون «شين وقوي عين» و«حشفاً وسوء كيلٍ».

إذ نرى مشاهير «سوشيال ميديا» يضللون بإنجازات وهمية لهذه الوزارة وتلك الهيئة، بمقابل مال عام، ثم بعد فترة يذهب الزبد جفاءً، ولا يمكث في الأرض إلا الحقيقة، وإذ بنا خسرنا أعمارنا وأموالنا، فضلا عن كرامة عقولنا التي تم خداعها.

ولذا، أتمنى أن تُلغى ميزانيات الإعلام والعلاقات العامة في كل الأجهزة الحكومية، ويعدّ أي إعلان مباشر أو غير مباشر من أنواع الفساد، لا سيما مع التوجيه الملكي بحرية الرأي والتعبير والصحافة، والذي يقتضي تعزيز قيام الإعلام بدوره الرقابي، كعين ثالثة وسلطة رابعة، تبين الخلل لإصلاحه، فضلا عن الدور البرلماني الشعبي الذي يمارسه كل مواطن عبر منصته في «تويتر».

ولا يمكن للرؤية أن تحلق إلا بجناحين: أحدهما تطوير السلطة التشريعية، وثانيهما: تطوير السلطة القضائية، فيقوم البرلمان بدوره الرقابي بأوسع أبوابه، ويقوم القضاء بدوره العقابي بأشد أحكامه، وأتفاءل كثيرا بهيئة الرقابة ومكافحة الفساد لتحقيق ذلك.