بدايةً، أتقدم بخالص الشكر وجزيل العرفان لمن شاركني فرحة احتفالي بالزواج أمس «الأحد 02/02/ 2020»، وبأي طريقة اختار بها تلك المشاركة، حتى وإن كانت دعوة في ظهر الغيب.

ورغم أنني اجتهدت لاختيار هذا التاريخ الذي كنت أعتقد أنه مميز، إلا أن أحدا من طلائع الحضور شاركني بهذه النصيحة: «إنت غبي، ليش ما سويت زواجك بتاريخ 29/ 02/ 2020 لأن هذا التاريخ ما يتكرر إلا مرة واحدة كل 4 أعوام، وبكذا ما راح تشتري هدية ذكرى الزواج إلا مرة واحدة كل 4 سنين».

غادر صاحبنا وغادر معه تفكيري، وبقيت متسائلا: هل الزواج فترة انتقالية تحتاج مني أن «أحسبها بالمِلّي»، في كل خطوة أخطوها، وما إن بدأت أستعيد هدوئي، حتى قبض يدي أحد الحضور، وأخذني «على جنب»، وكأنه يريد تصوير مشهد زفاف من فيلم مصري، وما بقي إلا أن يقول لي «اضرب البرشام ده وليلتك ها تبقى فل الفل»، ولكنه تحدث بلهجتنا ولم يخرج «برشاما»، بل قال لي حبيت أبارك لك دخولك «القفص الذهبي»، ولكن أحببت أكثر أن أناقش معك عمق تسمية الزواج بهذا الاسم. فبالمختصر أنت يا عزيزي العريس الذي يتشقق جبينك من الابتسامات، كنت طائرا مهاجرا، حرّ التصرف، تهبط فوق أي أرض تعجب عينيك، وتحت أي سماء، وإن مللت من هذا المكان أكملت هجرتك وبكامل حريتك.

أما اليوم، وبكامل قدرتك العقلية، تترك المساحات الشاسعة في البراري والبحار والجزر والأنهار، وتقرر بنفسك -ودون أية ضغوطات من «الأمم المتحدة» أو «حلف الناتو»- أن تدخل هذا القفص الذي أغراك ببريقه الذهبي، ولكن ما إن تغادر صالة الفرح هذه، ويغلق عليك القفص هذا، ستعرف كمية الحرية التي كنت تجول في أرجائها، ولا تعتقد أنه سُمي ذهبيا لجماله، بل لأن الذهب يعدّ من أقوى المعادن، حتى لا تحاول كسر أحد أعمدة هذا القفص محاولا الهرب، حتى وإن كنت أيام «العزوبية» أحد أبطال مسلسل «prison break».

وذهب الناصح الثاني، وأتى الناصح الثالث والرابع، إلى ما لا نهاية. وبعد أن تلقيت من النصائح ما كاد يجعلني أقنع الحضور بأنني دعوتهم لحضور الاحتفال بمناسبة ولادة توأمين جديدين من النمور البيضاء في حديقة الزهور الغبراء في الجزيرة الكورية الشمالية الحمراء، أتى آخر الناصحين وقال:

«ما راح أطوّل عليك وما راح أعطيك نصيحة، بل سأقول لك نكته تريح أعصابك المتوترة»، وبعد أن استبشرت خيرا بأنه أتى أخيرا من يقدر حالتي النفسية المتدهورة، قال لي «فيه واحد قال لمحشش: الليلة حفل زواجي، وش تنصحني؟ قال أنصحك لا تحضر».

نظرة للسماء: من ذاق جمال استقرار الحياة العائلية بعد تشتت حياة «العزوبية»، سيعلم أن ما كُتب أعلاه مجرد مقالة ساخرة، قريبة من الطرفة وبعيدة عن الحقيقة، ولن يوصينا ديننا بشيء وهو ضرٌّ لنا. جعل الله أيامنا وأيامكم عامرة بالأفراح.