مدينة مدريد عاصمة مملكة إسبانيا، إحدى كبريات مدن الاتحاد الأوروبي، تعود جذورها لما قبل العصر الروماني، ووصلها المسلمون في القرن السابع الميلادي، ولوقوعها على مجرى نهر «مانزاناريس» سموها «مجريط»، وهي مركز صناعة القرار الإسباني، ومقر الدوائر الرسمية، ومركز مالي مهم، وفيها المقر الرئيسي لمعظم الشركات الكبرى، ومع كل ذلك قد لا يخلو زائرها من الهم والحزن، وصلى الله وسلم على القائل: «السفر قطعة من العذاب»..

جمال مدريد، ليس كافيا لأن يعيش زائرها بأمن وأمان، وهو ما حدث لعائلة سعودية ذهبت لمهمة عملية قصيرة، قضت أغلب أيامها في غلبة وقهر، لتعرضها لسرقة احترافية وسط النهار، إذ قام سارق برمي مفاتيحه بجانب الطاولة التي كانوا يجلسون عليها، فالتفتوا للصوت، وقام هو وزميله بخطف الحقيبة اليدوية، وفيها ما فيها، وفورا استنجد رب العائلة من المملكة، بسفارة خادم الحرمين الشريفين، وخلال لحظات تواصل معهم نائب رئيس شؤون السعوديين فهد السبيعي، وحضر شخصيا، وقام بدور يتعدى الدور الدبلوماسي العادي، وأظهر شهامة ونبلا ومكارم، يستحق عليها الشكر غير المنتهي.

العائلة المسروقة وبينما هي بقسم الشرطة لتسجيل البلاغ، قام السارق المحترف، الذي لا يعرف الخوف طريقا لقلبه، بفتح الحقيبة، ووجد مفتاح غرفة الفندق واسمه ورقم الغرفة، فذهب ودخلها، وكأنه النزيل، وأخذ ما خف وزنه ومشى، وبعد عودة الأسرة من الإبلاغ، وجدوا السرقة الجديدة، وعادوا للشرطة ومعهم النبيل أحمد الهاجري رئيس شؤون السعوديين بالسفارة، ومساعده السبيعي، وسهرا معهم إلى فراغهم من تسجيل بيان جديد، وفي اليوم الثاني أرسلت السفارة سيارتها لهم لاستكمال البلاغ، وفي اليوم الثالث استضافتهم بمقرها لعمل بدائل الجوازات، ثم عملوا توكيلا لمحامي السفارة، لعله يثبت في دعواه حرص وزارة داخلية إسبانيا على سلامة زوارها، من خلال تتبع كاميرات الفندق، وكاميرات الأماكن التي تردد عليها اللص، خلال الدقائق القليلة التي سبقت قفل البطائق البنكية، لشراء الأطعمة والعلاجات، وفي اليوم الرابع أخذتهم السفارة من مكان إقامتهم، وحتى المطار.

أختم ببعض التنبيه العلني لهذه العائلة ولغيرها، ومهما كتبت فلن أجد أفضل مما نبهت إليه سفارة مملكتنا الغالية في إسبانيا، ورئيس بعثتها الدبلوماسية السفير الخبير، الأمير منصور بن خالد آل سعود، على موقعها، طالبة من المسافر إليها، ولأي بلد، تسجيل الجواز وبيانات الرحلة قبل السفر عن طريق موقع وزارة الخارجية، وأن يكون لديه تأمين سفر من إحدى شركات التأمين بالمملكة، يشمل التأمين الصحي والتأمين على الأمتعة والممتلكات، وعند الوصول التأكد من بيانات التأشيرة الصادرة، والاتصال برقم طوارئ الوزارة، وإبلاغ مسؤول شؤون السعوديين بالسفارة على الجوال الموجود في الموقع، عند التعرض لأي مكروه من اعتداء أو سرقة، والحذر في الأماكن العامة من محاولات المساعدة من الغير، أو التوقف لأي شخص، وعدم وضع الحقيبة على الأرض، أو الهواتف النقالة على طاولة المطعم، وحمل الاحتياجات الأساسية فقط، والمحافظة والانتباه والحرص على إخفائها، والتنقل بصورة من الجواز مصدّقة من السفارة، والاحتفاظ بفاتورة سيارة الأجرة، وعدم ترك الأشياء ذات القيمة في الغرفة، واستعمال خزانة الأمان، والتوكل من قبل ومن بعد على خير الحافظين.