مهرجان البن هو إحدى المناسبات التي تحتفي فيها بعض محافظات منطقة جازان بمحصولها من البن. وخلال سنوات، ظلت هذه المناسبة مجرد عرض لمحصول بسيط لا يغطي حاجة تلك المحافظات، أو يؤدي إلى الاكتفاء الذاتي للمنطقة. ولكن خلال هذا العام كان الوضع مختلفا، والأمل كبيرا، والرؤية واضحة.

فمع حضور نائب أمير منطقة جازان الأمير محمد بن عبدالعزيز، هذه الفعالية بمحافظة بني مالك، يصحبه وزير الثقافة ووزير التجارة، تم اتخاذ خطوات كبيرة ستصنع مستقبل هذا المنتج، ليخرج من نطاق المحلية إلى أفق أعلى وأفضل.

فحسب رؤية نائب أمير المنطقة، أن مهرجان البن أسهم في التعريف بما تزخر به جازان من مقومات زراعية وسياحية واقتصادية واستثمارية.

ومع حضوره هذه المناسبة بدأ -وبدعم مباشر ومتابعة من أمير المنطقة- الخطوات الفعلية لدعم إنتاج وتسويق بُنّ جازان، فقد أكد وزير الثقافة الانتهاء من ملف المهارات والمعارف المرتبطة بزراعة البن الخولاني بمنطقة جازان، وتقديمه لمنظمة الأمم المتحدة «اليونيسكو»، لتسجيله ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي، ليكون رابع عنصر تراث ثقافي غير مادي يتم تسجيله بالمنظمة.

كذلك، فإن وزير التجارة -وخلال الزيارة نفسها- أكد العمل على تشكيل فريق لتطوير ودعم إنتاج وتسويق بُن جازان محليا وعالميا، عبر التجارة الإلكترونية، ورفع كفاءة المنشآت المحلية والمزارعين، لتكون تجارة البن رائدة، ومسهمة في التنوع الاقتصادي والسياحي للمحافظة والمنطقة.

لا يخفى على الجميع أن نسبة البن المستورد من البرازيل والهند واليمن، وغيرها من البلدان، تتجاوز 99 % من البن المستهلك داخل المملكة، بينما يسهم البن المحلي في نسبة لا تتجاوز 0.3 %، إذ يبلغ ما تستورده المملكة سنويا ما يقارب 81 ألف طن، بينما يبلغ الناتج المحلي 300 طن فقط.

وعليه، فإن المستهدف المستقبلي للاكتفاء الذاتي يتجاوز 80 ألف طن. ومع وجود المقومات الطبيعية والبيئة الجبلية المناسبة لزراعة البن، والدعم اللامحدود، فمن المؤمل أن يصل إنتاج البن المحلي إلى نسب عالية، تسهم في تخفيض نسب الاستيراد للمملكة، وتحسين المستوى المعيشي، ورفع نسبة التوطين وخفض معدل البطالة بالمحافظة والمنطقة.

ورغم الارتفاع الملحوظ لإنتاج البن المحلي هذا العام، والذي تجاوز 300 طن خلال العام الحالي، إلا أن المستهدف ما زال يحتاج إلى مزيد من العمل والدعم. وهنا يجب ألا ننسى الدعم الذي قامت به أرامكو لاستزراع وإنتاج البن، والذي يندرج تحت المبادرات التي ترعاها أرامكو لتشجيع الحرف التقليدية، وتمكين المجتمعات المحلية. كذلك قامت أرامكو بتزويد المزارعين بالمحافظة بالأدوات والتدريبات اللازمة، لتمكينهم من تحسين جودة منتجاتهم.

ويسهم مشروع أرامكو أيضا في تخفيض كمية الاستهلاك للمياه بـ80 %، وفي استصلاح أكثر من 750 مزرعة. وحصل أكثر من 1000 مزارع على التدريب والتأهيل المناسبين، وتمت زراعة أكثر من 130 ألف شتلة.

ورغم الجهود المبذولة، فما زالت الرحلة طويلة والمهمة صعبة، ولكنها غير مستحيلة.