اعتدنا بين يوم وآخر، أن ترد أخبار لإنجازات الدوائر الجمركية في احباط تهريب كميات من المواد المخدرة، باختلاف أنواعها، بطرق لا تخطر على البال، مما يؤكد لنا أن هذا الطريق أحد الطرق التي يستهدف بها أعداؤنا وطننا، لإفساد شبابه ورجاله الذين هم قوته وعمود بنائه.

فمن المتعارف عليه أن المخدرات أحد عناصر مهددات الأمن الوطني، مع الأفكار الدخيلة والفساد والإشاعات المغرضة، وغيرها مما يؤثر في سلامة الأفراد والوطن. وعلى مدار عقود -تصل إلى القرن- وقفت حكومتنا الرشيدة تجاه المخدرات موقفا حازما وكافحتها بشدة، لعدة أولويات: أولها الواجب الديني، ثم الواجب الوطني، وأخيرا الواجب الانساني.

حاربتها منذ عام 1345 وتدرجت مهام ومسؤوليات هذا الجهاز حتى عام 1428، عندما أدرجت المخدرات ضمن قائمة مهددات الأمن الوطني، وأوكلتها إلى الشؤون الأمنية، بعدما أصدر وزير الداخلية قرارا برفع مستوى إدارة مكافحة المخدرات، إلى قطاع مرتبط بوزارة الداخلية للشؤون الأمنية، وأصبحت تسمى المديرية العامة للمخدرات.

وكل ما يقوم به هذا الجهاز من توعية وتخطيط وتنسيق وجهود متعددة، آثارها ملموسة تحسب له، إلا أن دائرة صلاحيات رجال أمن مكافحة المخدرات تحتاج إلى توسع في بعض القرارات، وذلك أَوْلى لأمننا وسلامة وطننا وأبنائه.

في حديث مع أحد مديري دوائر المكافحة عن شخص يشهد له الجميع بانغماسه في وحل المخدرات، بل تجاوز ذلك إلى ترويجها وبيعها على كل من يقف أمام عينيه، قريب أو صديق دون أدنى وعي أو غيرة واهتمام، وجّهت سؤالي إلى ذلك الضابط، لماذا لم يتم القبض عليه بعد كل تلك الشهادات من أقاربه، والبلاغات والحالات التي كان سببا في تورطها؟

كان جوابه في غاية الألم. نعم، ذلك الرجل يوجد عليه كثيرمن البلاغات، ولكن لم نستطع القبض عليه متلبسا رغم محاولاتنا الكثيرة، منطقته والحي الذي يسكنه مكشوف لكل سكانه، ولا يدخله غريب إلا وانكشف أمره، وجميعهم زبائنه، قد أفسدهم ولا يستطيعون الوشاية به.

على الرغم من أنه أفسد كثيرين، وأوجع قلوب كثير من الأباء والأمهات، وأقضّ عليهم أمنهم واستقرارهم، إلا أنه ما يزال حرا طليقا، بسبب القرار الذي يحميه من القبض بحجة عدم تلبسه.

هذا القرار نراه مجحفا في حق سلامة وطننا وأفراده وأمنهم، فالوطن خط أحمر، ويفترض أن تكون القرارات التي تمس أمنه قوية لا تقبل النقاش.

لم نر أي قصور تجاه المتعاطين وعلاج المدمنين بكل الطرق والأساليب، فبلادنا في المستوى الأول، فقد يسّرت لهم العلاج، والإعفاء من العقوبات، وحمايتهم من الفصل والتعطيل في العمل، وكثير مما لا يرد على البال ذكره.

أخيرا، كل ما أود قوله في رسالة إلى المدير العام بجهاز المديرية العامة لمكافحة المخدرات، كل ما نرجوه ونأمله هو توسيع صلاحيات رجال أمن المكافحة، وإعطاؤهم الحق بالقبض على كل من يرد عنه أكثر من بلاغين أو ثلاثة، وتطبيق إجراءات لكشف الحقيقة في الأمر، منها على سبيل المثال: تحليل الدم، واستجواب الوالدين والأقارب، ومتابعة أرشيف الجاني ومعرفة ماضيه، وغيرها كثير والخيارات متعددة، وبكل تأكيد لديكم المعرفة والخبرة التي قد تخدمكم في ذلك. كل هذا لحماية بلادنا والدفاع عنها وعن أبنائها، ورحمةً بقلوب أمهات وآباء يتجرعون الموت أحيانا لضياع أبنائهم أمام أعينهم، وقد وقفت على عدة حالات، بسبب ذلك المُروّج الذي ليس وحده بيننا، فهناك كثيرون من أشكاله منتشرون في بلادنا، يحميهم تعطيل بعض صلاحيات رجال المكافحة من القبض عليهم.