يحرص كثير من الناس على وضع علامات على قبور أقربائهم وأحبابهم ليتمكنوا من معرفة مكانها وليتعاهدوها بالزيارة، ولأن معظم المقابر لدينا لا تحمل علامات وتؤدي إلى نسيان أماكن دفن المتوفين، فقد لجأ الناس إلى استخدام وسائل عدة لتعليم القبور منها: الكتابة أو وضع إشارات مؤقتة كالصبار أو أعواد أو أحجار أو إشارات بالطلاء، ومؤخرا تطور الأمر، وبدأ استخدام تطبيق يتم من خلاله تحديد موقع القبر عبر نظام الملاحة العالمي GPS.

وذهب بعض العلماء إلى تحريم الكتابة على القبور مثل: الصنعاني والشوكاني والشيخ ابن باز الذي قال: «لا يجوز البناء على القبور لا بصبة ولا بغيرها، ولا تجوز الكتابة عليها، لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من النهي عن البناء عليها والكتابة عليها».

رأي مخالف

في المقابل، يرى بعض العلماء جواز وضع العلامات، حيث يقول الدكتور عمر السعيد الأستاذ في قسم الفقه في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الأحساء «يوجد اتفاق على جواز تعليم القبر كمبدأ وفكرة، والخلاف في كيفية التعليم، فمثلا التلوين ووضع الحجارة أو الكتابة أو البناء فهذا جائز بالإجماع، والتلوين مكروه، والكتابة فيها أربعة أقوال: الجواز -وهذا رأي مشهور-، الاستحباب، والكراهة -عند جمهور أهل العلم-، والتحريم عند العلماء المتأخرين مثل: الشوكاني والشيخ ابن باز وغيرهما. وشخصيا بحثت المسألة من كتب الفقهاء السابقين، وتبين لي الجواز على رأي الشيخ السعدي والشيخ ابن عثيمين».

والأصل في تعليم القبور بالكتابة هو الجواز لقول مجموعة من أهل العلم، وإذا قلنا بجواز الكتابة على القبر، فبالتالي كتابة الأرقام أو اللوحات أمرها أيسر، أما البناء على القبور فبين التحريم والكراهة.

التكنولوجيا في خدمة الدين

أشار السعيد إلى أنه بالنسبة للوسائل المعاصرة لتعليم القبور عن طريق وضع برنامج أو تطبيق GPS وغيرها، الأصل فيه هو تعليم القبر، والتعليم لا إشكال فيه، فالنظر إلى الوسيلة المتبعة (استخدام التكنولوجيا) من حيث المصالح والمفاسد، والمصالح فيها أكثر والمفاسد لا تذكر، وأساسا لا يوجد محل خلاف سوى الكتابة، ونجد أنه حتى في التطبيق لم يُعلّم بالاسم واكتفى بالأحرف والأرقام، وتحديد الموقع من خلال هذه التطبيقات هو استخدام للعلم الذي أنزله الله في الكون، وكون الله تعالى يسر العلم، فالأولى أن نستخدمه في عباداتنا وطاعاتنا لله تعالى مثل زيارتنا للقبر.

تطبيقات تعليم القبر

هناك تطبيقات ظهرت لتعليم القبر أشهرها «إكرام» الذي قال مؤسسه طارق الزايدي: بدأتُ فكرة المشروع بكوني متطوعا للعمل في المقبرة لمدة 13 عاما، وكنت أرى أهالي الموتى يوميا يضعون العلامات لتحديد مكان قبر المتوفى، ويأتي آخرون ويقومون بإزالة تلك العلامات لاعتقادهم بعدم جوازها، وكان الفضول هو بداية الموضوع، فبدأتُ بمساعدة أهالي الموتى، وأعطيتهم العنوان بالطريقة البدائية (الوصف التقليدي)، ثم جاءتني فكرة، وقسمت المقبرة إلى مربعات ثم إلى صفوف، كل صف فيه عدد من القبور، وبدأت أرسل لذوي الموتى رسائل نصية بعنوان القبر، وبعدها قمتُ بترقيم المقبرة بوضع لوحات مرقمة، ثم وضعت خريطة كبيرة مرقمة للمقبرة تسهيلا لزائري المقبرة، ثم جاءتني فكرة تحويل هذا المشروع إلى تطبيق في عام 2014، وهذا التطبيق هو الأول من نوعه في العالم ويُحدّث كل فترة، وحتى الآن أجرينا عليه تسعة تحديثات، بلغات مختلفة تسهيلا للجاليات الناطقة بغير اللغة العربية، وتم ربط التطبيق بالأقمار الصناعية، وتم صنع إحداثية (عنوان خاص لكل قبر مختلف عن الآخر)، تسهيلا للوصول إلى القبر المراد بعينه.

آراء

ابن باز: لا يجوز البناء على القبور لا بصبة ولا بغيرها، ولا تجوز الكتابة عليها.

السعيد: هناك اتفاق على جواز تعليم القبر كمبدأ وفكرة، والخلاف في كيفية التعليم.

وضع الحجارة جائز بالإجماع.

التلوين مكروه.

معارضة المشروع

وجد الزايدي في بداية مشروعه معارضة واستنكارا، والبعض حرّم الأمر، لأنه جديد على الناس، فلم يستوعبوا ماهيته وكيفيته، وكانوا خائفين من عدم دقة تحديد القبر، لكن الآن يحرص أهل المتوفى على أن يوضع اسم المتوفى في التطبيق تسهيلا لهم عند زيارتهم قبره، وما زال البعض يحب أن يأخذ نسخة ورقية عن المعلومات الموجودة في التطبيق.

الجهات المستهدفة

أوضح الزايدي أن الهدف من التطبيق تقديم خدماته لوزارة الشؤون البلدية، ووزارة الداخلية (كبعض القضايا التي يأتي فيها أمر من الدولة بنبش القبر)، إضافة إلى وزارة الصحة (إذا توفي أحدهم بمرض غير معروف يستطيعون إجراء أبحاث لمعرفة سبب الوفاة)، والمركز الوطني للمعلومات، والهيئة العامة للإحصاء، إلى جانب المهتمين في الأنساب والقنصليات (إذا توفي أحد الأجانب تقدم شهادة دفنه والمكان المدفون به على وجه التحديد)، وهيئة السياحة، إضافة إلى الخدمة الاجتماعية لأهالي الموتى.

التعاون القائم

أوضح الزايدي أن هناك تعاونا مع عدد من الجهات الرسمية مثل: أمانة منطقة المنطقة الشرقية ومنطقة القصيم، وأنه عرض الأمر على أمانة جدة، وحصل على موافقة من الأمين السابق، لكن الأمر تعطل بسبب تهاون بعض الموظفين في بعض إدارات الأمانة، مضيفا أنه للأسف حتى الآن المشروع متوقف في تلك المنطقة، ويوجد الآن تعاون بيننا وبين أمانتي الجوف وحائل وسيتم ربطهما بالتطبيق، وقمنا بإنشاء تطبيق «إكرام دينڤر» في أميركا، وهو مختص بمقبرة المسلمين هناك بناء على طلبهم.

الكتابة

مستحبة (قول مشهور)

مكروهة (جمهور أهل العلم)

محرمة (العلماء المتأخرون)

جائزة (الفقهاء السابقون وابن عثيمين)