في أول حديث إعلامي للمختطف منذ 21 عاما الشاب موسى الخنيزي، أكد لـ«الوطن» أنه كان في غاية الحماس للقاء أهله بأي طريقة حتى ولو كان في أبعد مكان في العالم لأتي لمقابلتهم وتقبيل رأس والده. مضيفا «لولا إصرار أبي وعمل الجهات الرسمية لما كنت موجود هنا اليوم ولم تكن هذه هي النهاية وأكثر إنسان تعب في هذه القضية هو أبي، تعب لسنوات وسنوات. ويكمل: «على الأقل أنا لم أشعر طوال 20 عاما بأي شيء ولكن أبي الغالي لم يهدأ له بال طوال 20 عاما». ومنذ اللقاء الأول بين الأب وابنه لم تهدأ القبلات إذ لا يكاد يتحدث الابن إلا ويقبله الأب، ولا يكاد يتحدث الأب إلا وأعاد له ابنه القبلات والأحضان.

اللقاء الأول

التقى والد المختطف علي الخنيزي بولده لأول مرة صباح أمس، في مبنى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مع إجراءات إنهاء تسلمه، حيث كان اللقاء الأول بين الأب وابنه ليأخذ كل واحد منهما الآخر بالأحضان وكلمات الحمد والثناء لا تتوقف من لسان الأب. وفي منزل الخنيزي الذي استقبل الأب وابنه باحتفال وأهازيج استقبال العرسان، ارتدى موسى طوق الورود ودخل لتقبيل رأس والدته قبل أن يكمل استقباله لضيوفه في منزله الجديد الذي يضمه مع والديه وإخوته بعد 21 سنة من الغياب.

اندماج مع الأسرة

في جلسة الاستقبال كان موسى مندمجا في الحديث مع والده وإخوته وأقاربه وكأن العلاقة التي تربطهم لم تبدأ منذ أسبوع حيث أخذ يمازح والده أثناء استقبال المهنئين ويشبهه بـ«العريس» ويمازح إخوته ويتحدث معهم بكل أريحية وكأن سنوات البعد لم يكن لها أي أثر في علاقة الأخوة ليحتضنه أخوه ويردد «هذا هو عضيدي»، حيث لا يكاد يبتعد أحد إخوته عنه إلا وجاء قربه الآخر وأما والده فلم يبتعد عنه طوال وقت الاستقبال.

وقال موسى خلال استقباله للمهنئين «أنا أعتبر كل من تابع قضيتي وتفاعل معها هم أهلي، وكذلك من لم يتفاعل معها هم أهلي كذلك» ورفض موسى أي أسئلة خاصة بحياته الماضية قائلا: «هذه أسئلة شخصية خاصة»، مشيرا بأن لديه مع أسرته الكثير من الخطط التي وضعوها لحياتهم.

وبحيرة الأب وجه والد المختطف نسيم حبتور سؤالا لموسى حول إن كان شعر خلال فترة تواجده في منزل الخاطفة بأنهم غير أهله، ليجيبه موسى بأنه لم يشعر بأي شيء ولكنه يعرف الآن بأن هؤلاء هم «أهلي». وأشار لولده الجالس بقربه وقبّله على رأسه.

سنوات الانتظار وأحلام الأبوين

قبل 10 سنوات كان لأم موسى حديث مع «الوطن» قالت فيه إنها ستتمسك بأمل العثور عليه، وخلال عقدين من الزمن عاشت من ابنها المختطف وكأنه حاضرا معها، إذ جهزت له عندما بلغ السادسة من عمره حقيبته المدرسية، وعاشت ذلك الفصل رغم عدم ظهوره معها ورؤيتها له وهو يذهب إلى مدرسته كل يوم، كما أن ذكرى اختفائه بعد ولادته بيوم لم تفارق تفكيرها ولو للحظة رغم محاولاتها نسيان الأمر.

أما والده فعاش هو فترة طويلة من الأمل والتخيلات والأفكار وكان يحلم باليوم الذي يرى فيه ابنه متخرجا من الجامعة. هذا الأمل لم ينقطع ليوم واحد من أسرة فقدت ابنا لم تعرفه ولم تعرف طباعه ولم تعرف أي شيء عنه، لأنها ببساطة كما يقول والده، لم تحظ بنعمة تربيته وتنشئته بينها.

تحقق الحلم المستحيل

تحول حلم أم موسى ومحاولاتها الدؤوبة وتمسكها بالأمل بعد 21 سنة في لقاء ابنها الذي حاول الكثير ثنيها عنه، كونه أمر أشبه بالمستحيل، حيث قالت أم موسى لـ«الوطن»: أحمد الله على رجوع ابني لحضني وأشعر إني ولدت من جديد في هذا اليوم».

ومثل احتفال الأب باستقبال الضيوف احتفلت أم موسى التي لم يتوقف لسانها عن ترديد الشكر بضيوفها واستقبلت الضيوف من الأهل والأقارب الذين جاؤوا لتهنئتها باستقبال ابنها في منزلها بشكل رسمي وعلني أمام الجميع، حيث كانت تستقبله ليلا وهو قادم مع إخوته يغطي وجهه بكمام كي لا يلاحظ أحد دخوله لمنزله ليتم تداول الأمر قبل انتهاء الإجراءات، ورغم لحظات الفرح إلا أن الدموع أم موسى كانت حاضرة مع كل عبارات بالتهنئة فرحا بانقضاء سنين البعد «وقرة عينها» بعودة رضيعها المختطف شابا إلى منزله ليستقر في أحضان والديه وإخوته.