الحد الجنوبي بجازان، السابعة وعشر دقائق صباحا، لا صوت يعلو على صوت الوطن، جندي مرابط، شعاره إما النصر أو الشهادة، وطالب يغدو إلى مدرسته ليبني مستقبل وطنه، وعلم الوطن يرفرف خفاقا عاليا، إيذانا بإعلان موعد النشيد الوطني، الذي يصدح في أرجاء الحد الجنوبي، ليصل صداه إلى الجبال الشامخة، وساحات البطولة، في وقت يفاخر طالب الحد الجنوبي، بأن يكون العلم سلاحه لخدمة وطنه في ميادين العز والكرامة.

لوحات وطنية

حول طلاب مدارس الحد الجنوبي إلى لوحات وطنية، عززت الانتماء، ولم تثن مكائد ميليشيا الجبناء أطفال الحد من التزود بالعلم، والذي يعد سلاحا لهم للدفاع عن الوطن من الفكر الإرهابي، إذ لا تكاد تخلو مدرسة من مدارس الحد الجنوبي يوميا، من اصطفاف الطلاب، وتأهبهم بشكل حازم لتحية الوطن، مقدمين رسالة عز وفخر للجنود الأبطال بالحدود مثابها: أنتم أسود الوطن بالصفوف الأمامية، ونحن معكم درع حصين لكم، تلحفكم دعواتنا، ومؤازرتنا، وأمنياتنا أن نكون مثلكم حماة للوطن، ندحر الأعداء، ونقدم أرواحنا فداء للدين والوطن.

شروق مختلف

شروق الشمس بالحد الجنوبي في المملكة يختلف كليا عن بقية المناطق، فما إن تشرق الشمس نورا وضياء، حتى تشاهد تلك الملاحم الوطنية، والإنجازات الخالدة، والأعلام المرفرفة برايات التوحيد، واكتساء أرجائها باللونين الأخضر والأبيض، وصور القيادة، فذلك المسن يجلس على حافة الطريق يسرد القصص البطولية لأحفاده، محفزا لأن يكونوا شجعان الوطن، ملقنهم تلك الدروس الوطنية التي يقودها قائد عظيم على خط النار، والتي أحبطت مخططات الأعداء.

ففي الحد الجنوبي بجازان يعيش 48911 طالبا وطالبا في 330 مدرسة تشكل منابر للعلم والمعرفة، متسلحين بالوطنية والشجاعة، فمنذ أن بدأت عاصفة الحزم مهامها في التعامل مع عصابات الغدر الحوثية، بدأت إدارات التعليم في الحد الجنوبي اجتماعات مباشرة، وتواصلا مستمرا من خلال لجان الطوارئ، لوضع آلية تتناسب مع الأحداث، وتضمن سلامة الطلاب والطالبات في المدارس الحدودية وحمايتهم من قذائف الغدر عبر القرارات التي تضمن لهم المكان الآمن، والإجراء المناسب زمنا ومكانا، بما يحقق لهم إنهاء عام دراسي آمن.

نجاح الخطط

مر التعامل مع العام الدراسي في المدارس الحدودية بالحد الجنوبي بمراحل عدة، وقرارات مباشرة أسهمت في التعامل الأمثل، والنجاح الكامل لجميع الخطط والبرامج، التي تم إعدادها وتنفيذها وفق توجيهات الوزارة ومتابعتها. وتمثلت أبرز تلك المراحل في منح وزير التعليم وبشكل عاجل كامل الصلاحيات والتفويض لمديري التعليم في الحد الجنوبي التعامل الفوري مع الأزمة، بما يضمن سلامة الطلاب والطالبات، وعدم التأخر في إصدار أي قرار يحقق ذلك المطلب، أو يتعلق به في مختلف الجوانب التربوية والتعليمية، وشكل قرار التفويض النواة الأولى لعمل منظم ومباشر ومتابعة الأحداث لحظة بلحظة، واتخاذ القرار المناسب في حينه وبشكل مباشر، من مدير تعليم كل إدارة، وفق ظروف ومعطيات المكان والأحداث.

جميع المعطيات

مارست إدارات التعليم بجازان صلاحياتها مباشرة في التعامل مع أحداث الحد الجنوبي، وقامت على الفور وفق تقارير اللجان الميدانية بتعليق الدراسة في بداية الفصل الثاني لمدة 7 أيام، بعدد من المدارس في الشريط الحدودي في: جازان، وعسير، ونجران، وصبيا، وسراة عبيدة، ووقف وزير التعليم ميدانيا على مدارس الشريط الحدودي، في أول يوم لانطلاقة الفصل الدراسي الثاني، حيث قام بزيارة لمنطقة جازان، شملت مدارس تعليم جازان في محافظات صامطة والطوال والحرث والعارضة، وتأكيده خلال الجولة الميدانية أهمية التعامل مع ملف مدارس الشريط الحدودي وفق جميع المعطيات، مقدما خلال الزيارة رسالة اطمئنان وتأكيد باهتمام الوزارة بهذا الأمر، من خلال زياراته لبعض المدارس والتقائه الطلاب وأولياء أمورهم، والحديث معهم بشفافية، ومواصلة لجان الطوارئ بإدارات تعليم الحد الجنوبي اجتماعاتها على مدار الساعة، برئاسة مديري التعليم في تلك المناطق لإصدار قرار إلحاقي بتمديد تعليق الدراسة، وإضافة مدارس أخرى ضمن القرار الإلحاقي الجديد، واتخاذ إدارات التعليم بالحد الجنوبي قرارا تضمن خطة جديدة تقضي بدوام معلمي ومعلمات مدارس الشريط الحدودي في المدارس القريبة الآمنة للقيام بواجباتهم في خدمة الطلاب والطالبات من خلال مدارسهم البديلة.

أمننا مسؤوليتنا

أطلقت إدارات التعليم في الحد الجنوبي عددا من البرامج والمبادرات الوطنية دعما لعاصفة الحزم، واعتزازا بالموقف التاريخي للقيادة، ومن تلك البرامج والمبادرات برنامج «أمننا مسؤوليتنا»، وبرنامج «جودة وطن جودة أمن»، وتحويل الإذاعات المدرسية إلى لوحة وطنية يتسابق فيها الجميع لتقديم عشقهم وولائهم للوطن وقيادته الحكيمة، ومشاركة الطلاب والطالبات عبر البرنامج الإذاعي اليومي المباشر الحد الجنوبي الذي كان يبث من أستوديوهات الإذاعة بجازان خلال فترة عاصفة الحزم، وإصدار قرار مدارس الشريط الحدودي للبدء في اختبارات الفصل الدراسي الثاني، وفتح إدارات التعليم المجال لمعلمي ومعلمات الشريط الحدودي للالتحاق بدورات تدريبية عن بعد، وتفعيل التقنية الحديثة في هذا الجانب، لضمان الاستفادة من الدورات التدريبية تربويا وتعليميا.

المسن الذي يروي لأحفاده قصص البطولة والشجاعة

دأب تعليم منطقة جازان على أخذ التدابير المناسبة منذ انطلاقة عاصفة الحزم، حيث شكلت لجنة الطوارئ لوضع الخطط اللازمة للتعامل مع الوضع، وتحقيق الأمن والسلامة للطلاب والطالبات، واشتملت خطط التعامل مع الظروف الاستثنائية: البدائل التعليمية الإلكترونية، وتوأمة المدارس، ومبادرة الفصل الصيفي لمدارس نظام المقررات عن طريق التعلم عن بعد، وتنفيذ مبادرات متنوعة تتمثل في مبادرة وطنية لأندية مدارس الحي بعنوان «لقواتنا مساندون»، ومشروع «أمننا مسؤوليتنا»، وتكريم الطلاب «أبناء الجنود المرابطين»، وزيارة المرابطين، وتقديم خدمة تسجيل أبنائهم بنظام نور، والتنسيق مع غرفة العمليات المدنية لاختبار المرابطين، كذلك اشتملت على التنسيق مع مركز قياس بشأن الاختبار التحصيلي، وتخصيص صفحة على الإنترنت للاختبار التجريبي الخاص بالإدارة، والحافلات التقنية، ومركز الخدمات والدعم لمدارس الشريط الحدودي، وتوظيف البدائل التعليمية الإلكترونية، والمنصات الإلكترونية.

جهود وطنية

أكد المدير العام للتعليم بمنطقة جازان الدكتور إبراهيم بن محمد أبوهادي، أن الدولة تولي قطاع التعليم اهتماماً خاصاً، وتحرص على وصول التعليم لجميع مناطق المملكة، وتهتم بتوفير الفرص للجميع في بيئات مدرسية جاذبة ومتميزة، مضيفا أن وزارة التعليم ركزت على دعم العملية التعليمية بالحد الجنوبي، وحرصت على استمرارها رغم الظروف الاستثنائية، حيث واصلت مسيرة التعليم والبناء ولم تنقطع يوماً واحداً، ‫موضحا أن الجهود الوطنية الكبيرة التي بذلها منسوبو ومنسوبات التعليم كان لها الأثر الكبير في دعم العمل التعليمي، ورفع مستوى الطلاب والطالبات، مما أثمر عن تميز كبير لمدارس وطلاب وطالبات الحد الجنوبي، الذين حققوا كثيرا من المنجزات على مستوى المنطقة والمملكة، وعلى المستوى الإقليمي في كافة المجالات.

حلول إبداعية

لم يختلف تعليم صبيا عن إدارته الأم، إذ سارع إلى تقديم الحلول الإبداعية للطلاب والطالبات وعددهم 2350 طالبا وطالبة يدرسون في 37 مدرسة للبنين والبنات في النطاق الأحمر بالحد الجنوبي، حيث نشأت فكرة مركز دعم متخصص يقوم عليه مجموعة من المعلمين في مختلف التخصصات، لتقديم الدعم للطلاب عن بعد، عن طريق أجهزة لوحية تم توفيرها لكل طالب وطالبة، وعن طريق المراسلة، حيث تصل كل طالب بشكل أسبوعي مجموعة من المهارات والأهداف تم تبسيطها مع مجموعة من أوراق العمل، تعود إلى المعلم لمتابعة مستوى إنجاز وتقدم الطلاب، ويباشر الإشراف على الطلاب عن طريق ما يسمى بالتعليم المنزلي، وتدريسهم مهارات وكفايات المقررات الدراسية، والتعاقد مع أبناء وبنات القطاع خريجي الجامعات ليقوموا بمساندة المعلمين الرسميين، في تعليم أبنائهم وبناتهم، ولاقت الفكرة قبولا من أصحاب القرار في إدارة التعليم والوزارة، فتم التعاقد مع أكثر من 50 خريجا وخريجة، أسهموا بشكل واضح في تحسين العمل وتجويده، ومساندة عمليات الدعم، واستثمار عودة التدريس في المباني المدرسية بفريق عمل مكون من المتعاقدين، وبعض أبناء القطاع الرسميين، والتي أسهمت في رفع كفاءة العاملين في مركز الدعم، وتقديم عون تخصصي يوميا للمعلمين، يشتمل على إعداد للدروس، وأوراق عمل، وخطط علاجية، وتقويمات مختلفة، مما أدى إلى تقليص الفاقد التعليمي، وتحسين المخرجات حسب الدراسة العلمية التي أعدها المختصون التربويون.

برامج معززة

أسهمت برامج تعليم صبيا في رفع مستوى التحصيل الدراسي، والتي تمثلت في: إعداد دراسة تشخيصية من فريق علمي بمكتب التعليم، لدراسة واقع التحصيل في مدارس الشريط الحدودي، ومقارنتها بالمدارس المستقرة، ليكون تقديم الحلول مبنيا على دراسة علمية حقيقية، وتنفيذ «برنامج انطلاق» والذي يعد برنامجا وزاريا علاجيا للمهارات الأساسية، وتم تطبيقه في مدارس التوأمة، وأسهم في معالجة الفاقد التعليمي في المهارات الأساسية، ودعم طلاب وطالبات مدارس قطاعي آل يحيى وآل زيدان بأجهزة لوحية لمساعدتهم في تعويض الفاقد، من خلال الدروس المصورة والمقاطع التعليمية، وإعداد الدروس بتقنية live Board، وهي تقنية تمكن المعلم من شرح الدروس عن طريق التطبيق وحفظه كمقطع فيديو يتم إرساله إلى الطلاب للاستفادة منه في تبسيط المفاهيم الغامضة، والتعليم المنزلي الذي يعد تجربة فرضتها الظروف الأمنية لقطاعي آل يحيى وآل زيدان، ويقوم المعلم بالتنقل والوصول للطلاب في منازلهم، ليقدم لهم الدعم والمتابعة حسب خطة وجدول أسبوعي، والتعاقد مع خريجي الجامعات، واستحداث مركز أساس.

دعم ميداني

أكد مدير تعليم محافظة صبيا ضيف الله الحازمي، أن ما توليه القيادة من اهتمام بقطاع التعليم في المملكة، وفي الحد الجنوبي بشكل خاص، فضلا عن حرص وزارة التعليم على استمرار التعليم بالمدارس التي تقع على الشريط الحدودي، ذلل كل الصعوبات أمامها، ودعمها ميدانيا لمختلف الخطط والبرامج، التي يتم تنفيذها في تلك المدارس، مشيرا إلى أنهم في تعليم صبيا لا يألون جهدا في خدمة أبنائهم الطلاب والطالبات في أي موقع، وذلك من خلال تحدي الصعاب، وهمم الرجال، وتمكينهم من التعليم، واستمرار الدراسة.

مدارس الحد بجازان

48911 طالبا وطالبة

330 مدرسة بنين وبنات

8 مراحل لتعليم الحد الجنوبي

2350 طالبا وطالبة في الحد الجنوبي بصبيا

37 مدرسة للبنين والبنات

برامج معززة رفعت مستوى التحصيل

خطط التعليم أسهمت في التعامل الأمثل مع الأحداث

الدعم الميداني ذلل المعوقات

نشيد الوطن يصدح بكافة الأرجاء

الطلاب يحولون المدارس إلى لوحات وطنية