تسبب التباين الأميركي في المواقف حول إيران في تعزيز إرهابها بالمنطقة ومؤامراتها وتهديداتها لجيرانها، غير أن محللين غربيين توصلوا إلى أن الدبلوماسية وحدها لا يمكن أن تنهي تهديدات طهران الإقليمية والعالمية.

وتحول الحمار لرمز سياسي للحزب الديمقراطي الأمريكي عام 1870، بينما اتخذ الجمهوريون من الفيل رمزا لهم وذلك في عام 1870.

حصل نظام الملالي في حقبة الرئيس الأمريكي الديموقراطي السابق باراك أوباما ما لم يحلم به منذ مجيء نظام الفقيه إلى السلطة عام 1979، وأتاح له ذلك تقديم المزيد من الدعم لوكلائه في المنطقة، وتعزيز السلوكيات الإرهابية على جيرانه من خلال الاتفاق النووي المعيب، فضلاً عن مليارات الدولارات التي جادت بها إدارة أوباما من تحت الطاولة للنظام.

وكرس أوباما أثناء حقبته مفهوم أن الدبلوماسية هي الحل الوحيد للتهديدات التي تشكلها طهران، وهو ما لم يتغير حتى الآن لدى مرشحي الحزب الديمقراطي الذين يتنافسون لترشح للرئاسة 2020 حينما سُئِلوا عن سياساتهم تجاه إيران، شددوا جميعًا على الحاجة إلى الدخول في صفقة مع النظام أو التركيز على الدبلوماسية.

تمسك الديمقراطيين بنظام طهران

يقول المرشح الديمقراطي جو بايدن لصحيفة «نيويورك تايمز»: «أود الانضمام إلى الاتفاق النووي وتجديد التزامنا على استخدام الدبلوماسية في العمل مع حلفائنا»، في حين يقول السيناتور آمي كلوبوشار في مناظرة ديمقراطية الشهر الماضي: «ما أود القيام به هو التفاوض - سأجمع الناس مثلما فعل أوباما منذ سنوات»، واتفق معهما السناتور بيرني ساندرز بالقول إنه «يتعين على الولايات المتحدة تعزيز القدرات الدبلوماسية والانضمام إلى الدول الأخرى لحل خلافاتنا من خلال النقاش».

غير أن تقارير أمريكية في عهد الرئيس دونالد ترمب عمدت إلى الكشف عن الأبعاد الخفية في العلاقات الأمريكية - الإيرانية في زمن أوباما، وخصوصاً بعد انفجار المعلومات حول صفقة «كاسندرا» المرتبطة بـ«حزب الله» ودوره في الاتجار بالمخدرات حول العالم، وتحويل الأرباح التي تصل إلى مليار دولار سنويا إلى الميليشيات اللبنانية إيرانية الهوى ووثيقة الصلة بالكثير من ملامح عدم الاستقرار في لبنان والشرق الأوسط.

كواليس الفضائح

كشفت العديد من التقارير كواليس علاقة أوباما بنظام الملالي وملامح تواطؤ الديمقراطيين بدعم جماعات إرهابية للوصول إلى مقاعد السلطة، وكذا إحجامه عن التدخل في الأزمة السورية في الوقت المناسب، فضلاً عن تسهيل القبضة الإيرانية على الأوضاع في العراق.

كما عرقل مسؤولو إدارة أوباما مطالبةِ مجلس النواب بالتحقيق بشأن تعامل إدارته مع ملف اتجار حزب الله بالمخدرات، خصوصاً بعد كشف مجلة Politico عن أن هناك عشرات الأجهزة الأمنية تراقب وتتابع شبكات حزب الله التي تقوم بتهريب الكوكايين والأسلحة وغسل الأموال، فضلاً عن سعي الإدارة إلى زيادة دمج الحزب في السياسة اللبنانية.

ولم تتوقف فضائح العلاقة مع إيران، فقد نشر موقع Breitbart News الأمريكي: إن الإدارة السابقة سمحت لإيران بالحصول على نحو 150 مليار دولار كانت مجمدة ثم أفرج عنها بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015، كما قدمت واشنطن في عهد أوباما نحو 2 مليار دولار نقدا لإيران.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن إدارة أوباما نقلت سرا طائرات محملة بنحو 400 مليون دولار من الأموال إلى إيران في يناير 2016، وتزامن ذلك مع الإفراج عن أربع رهائن أمريكيين، فيما بلغ إجمالي المبالغ التي حصلت عليها إيران خلال الفترة 1.7 مليار دولار.

حلفاء طهران

يقول موقع nationalreview إنه: منذ أن فرضت أمريكا عقوباتها الأحادية على طهران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، استمرت طهران في استهداف دول المنطقة عبر الميليشيات الإرهابية التي وظفتها في عددٍ من الدول كحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن وفصائلها في أفغانستان، فضلاً عن ميليشياتها في سورية، وكانت تهدف من ذلك إلى إرسال رسائل للولايات المتحدة بغرض زيادة مستوى التصعيد بشكل تدريجي في كل هجوم.

واتضح ذلك جلياً بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني عندما وظفت إيران حلفاءها في كل هذه المناطق، ورسمت عنواناً عريضاً من كل الهجمات التي حدثت خلال الشهرين الماضيين بأنها هجمات انتقامية ضد مقتل من يُدعى بالرجل الثاني في ملالي طهران.

وتشتمل الرسائل على إظهار قوة وكلاء إيران في الشرق الأوسط واستعدادهم لتقديم أنفسهم كمسؤولين عن أي هجوم عند الحاجة، والقول أيضا إن حلفاء طهران في غزة ولبنان واليمن والعراق لديهم القدرة على فرض قواعد اشتباك وتقويض الردع، وإبلاغ العالم تاليا أن إيران لن تسمح بتصدير النفط إذا لم تُصدّر هي نفطَها ويجري رفع العقوبات المفروضة عليها.

وأرادت إيران أيضاً إبراز قدرتها على التحكم برفع أسعار النفط وأسعار التأمين على الناقلات المبحرة، كما كشرت عن أنياب الإرهاب والقتل والفوضى بالمنطقة، لأجل خدمة شعارات الملالي الزائفة.

دعم الميليشيات

في لبنان دعمت إيران حزب الله منذ الغزو الإسرائيلي العام 1982، فيما أرسلت إلى سورية قواتها ونفطها وأموالها وأسلحتها ووكلائها لمنع التحوّل في بلاد الشام، في حين ضخت في فلسطين تجاربها العسكرية وأرسلت السلاح والمال لحركة حماس لدعم تدخلاتها. وفي العراق دعمت إيران الحكومة والحشد الشعبي لوقف تقدم داعش وهزيمته بعد أن سمحت أمريكا له بالتمدد والتوسع نحو سورية تحت أنظارها ورفضت تسليم العراق السلاح المدفوع ثمنه عند الحاجة.

وفي اليمن دعمت إيران الحوثيين في معركتهم وأرسلت وكلاءها إليهم من حزب الله والسلاح المتطور الذي تملكه، ودعمتهم لتمكينهم من ضرب الأهداف التي ترغب بضربها.

بشكل أو بآخر، ساهمت خطط أمريكا الخارجية بالسماح لإيران بالاستفادة من فشل الولايات المتحدة في أمكنة عدة من الشرق الأوسط، وبسبب التوتر الأميركي - الإيراني، فإن موارد وثروات دول المنطقة تتضرر، وكذلك سلامة الملاحة ما يعزز إمكانات الحرب غير المرغوب فيها وغير المخطَّط لها.

تدارك أخطاء أوباما والتصدي لتهديدات الملالي

في مقابل سياسة أوباما، كرست إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الضغوط القاسية ضد إيران، بعد إلغاء صفقة الاتفاق النووي وحرمان إيران مكاسبها الإقليمية والأوروبية.

ويقول نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس: «قام الرئيس دونالد ترمب بإلغاء صفقة إيران، وخطط لقتل إرهابي إيراني مسؤول عن جرح وقتل الآلاف من الأميركيين، لا مزيد من الدولارات للإرهابيين وسليماني ذهب»، متهما إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بدعم النظام الإيراني الإرهابي وتسليمه مليارات الدولارات في الصفقة النووية، وتابع عبر حسابه على تويتر: «وضعت إدارة أوباما الأموال في أيدي الإرهابيين الإيرانيين في الصفقة النووية الإيرانية».

وتميل إدارة أوباما إلى القول بأن الدبلوماسية هي الحل الوحيد للتهديدات التي تشكلها طهران، غير أن الواقع عكس ذلك، فإن الدبلوماسية وحدها لا تكفي لردع تهديدات النظام.

المسار الدبلوماسي

يقول تحليل لموقع nationalreview: إن المسار الدبلوماسي الوحيد يسيء فهم المنطق وراء وجود الدبلوماسية في المقام الأول؛ لأن الدبلوماسية لا توجد في فراغ، بل إنها جزء من ترسانة السياسة الخارجية للبلد.

في حال التعامل مع الحلفاء، تكون الدبلوماسية هي المفتاح لرعاية العلاقات، لكن عند التعامل مع الخصوم يجب أن تكون جزءا من نهج أكثر شمولية للعمل، فالمفارقة هي أن قادة إيران قد حققوا نجاحاً كبيراً في توظيف مثل هذا النهج على خصومهم، نظراً إلى أن طهران تدرك أن الغرب يخاف من الحرب، وأنه تخلى إلى حد كبير عن فكرة استخدام القوة كوسيلة لتحقيق غاياته الإستراتيجية.

إن إيران سعيدة بممارسة لعبة الدبلوماسية عندما يكون ذلك لصالحها، لكن لديها وسائل أقل مذاقا للحصول على ما تريده أيضا، وهي تنشر مستشارين عسكريين من خلال الحرس الثوري في دول مثل سورية والعراق ولبنان واليمن.

وتمتلك إيران نحو 800 جندي من الحرس الثوري في سورية، كما جندت أيضا مرتزقة من باكستان وأفغانستان للقتال من أجل حليفها بشار الأسد، فيما تقوم بتمويل حزب الله وتسلح الجماعة الإرهابية بالذخيرة الموجهة بدقة، وينقل النظام أيضاً تكنولوجيا الصواريخ والطائرات بدون طيار إلى اليمن، وتسلل مسؤولو مخابراتهم إلى العراق لتعزيز الخناق على سياسة ذلك البلد.

الاعتداءات

لم يتوانَ النظام الإيراني من استخدام الوسائل العسكرية، حيث قامت إيران بمهاجمة المملكة العربية السعودية بصواريخ كروز، واستخدمت طائرات بدون طيار، وأطلقت صواريخ باليستية على القوات الأمريكية، واستخدمت ميليشياتها لمهاجمتها في العراق، إلى جانب استخدام النظام الإيراني سفنا ملغومة في خليج عمان.

يتطلب كل ذلك ردا من الغرب يجمع بين الدبلوماسية والقوة العسكرية، وعلى المرء مواجهة دولة مثل إيران بشروطها الخاصة، إذا قامت بإيفاد دبلوماسيين ووكلاء شبه عسكريين وهجمات صاروخية ضد القوات الأمريكية، فيجب على الولايات المتحدة إرسال دبلوماسيين وحشد حلفائها على الأرض والاستثمار في قدرات الدفاع الصاروخي. لسوء الحظ، فإن النقاش الداخلي حول كيفية مواجهة إيران يميل إلى أن يكون «إما أو»: إما أن نحاول الدبلوماسية أو نشن الحرب. بالنسبة للأمريكيين الذين يخشون المزيد من الحروب الأجنبية، من الطبيعي أن نستجيب لهذا الإطار من خلال اختيار الدبلوماسية. لكن الحرب والدبلوماسية ليستا خيارين متبادلين، هما أدوات من نفس المجموعة.

ولكن ترى إيران نفسها متورطة في حرب شاملة مع الولايات المتحدة، وهذه حقيقة واضحة من خلال التصريحات المستمرة الصادرة عن المرشد الأعلى للبلاد خامنئي، واصفة الولايات المتحدة بأنها دولة شيطانية وشريرة، ويعني ذلك الصراع الأيديولوجي حتى الموت.

محاربة إيران

بحسب الموقع، يتعين على الولايات المتحدة محاربة إيران وفقا لشروط تبدأ برفض التخلي من جانب واحد عن جميع الخيارات غير الدبلوماسية المتاحة لها في جوهرها، وأن تسعى السياسة الأمريكية دائما إلى مواجهة إيران على مستويات متعددة، مع توفر نوع من الضغط الذي يجبر طهران على أن تأتي إلى طاولة المفاوضات طائعة، بدلاً من السماح لها بإطلاق المزيد من الصواريخ، وتوظيف المزيد من الوكلاء، وارتكاب المزيد من الهجمات مع الإفلات من العقاب.

كيف تواطأ الديمقراطيون مع إيران في عهد أوباما؟

التجاهل المتعمد لشبكات حزب الله التي تهرب الكوكايين والأسلحة وغسل الأموال

العمل على زيادة دمج حزب الله في النظام السياسي في لبنان

الإفراج عن 150 مليار دولار لإيران كانت مجمدة عقب الاتفاق النووي

تقديم نحو 2 مليار دولار لإيران استخدمتها لتمويل عمليات إرهابية لإيران

نقلت طائرات سراً 400 مليون دولار إلى طهران مقابل الإفراج عن أربع رهائن

متطلبات مواجهة السياسة الإيرانية

المسار الدبلوماسي الوحيد يسيء فهم المنطق في الحالة الإيرانية

يتطلب أن يجمع الرد الغربي على إيران بين الدبلوماسية والقوة العسكرية

على الولايات المتحدة حشد حلفائها والاستثمار في قدرات الدفاع الصاروخي

يتعين على أمريكا رفض التخلي عن جميع الخيارات غير الدبلوماسية

يجب مواجهة إيران على مستويات متعددة

استمرار الضغط الذي يجبر طهران على العودة إلى المفاوضات طائعة