عندما يحضر اسم عنيزة إحدى أكبر محافظات منطقة القصيم ‏في جلسة عابرة أو لمحة خيال لذكرى ماضية، فأول ما يتبادر ‏للأذهان الوصف الشهير الذي أطلقه عليها الأديب اللبناني ‏أمين الريحاني، عندما زارها عام 1922، وشاهد موقعها ‏الجغرافي نخيلها ورمالها الذهبية، ورقي وثقافة وكرم أهلها ‏الطيبين، وتعاملهم واستقبالهم له وانفتاحهم على الآخر، فأطلق ‏على المحافظة اللقب الشهير «باريس» حتى أصبح اللقب ‏لصيقا للاسم الحقيقي لهذه المحافظة الجميلة بأهلها.‏

سعد كثيرون عند اعتماد معرض القصيم الثالث للكتاب في ‏محافظة عنيزة، وتحديدا في مركز الملك فهد الحضاري. ‏يراهن المهتمون على أن المعرض سوف يكون مختلفا، ‏وسيشهد نقلة نوعية في تاريخه كون المكان الذي يقام على ‏أرضه والحاضنة له محافظة عنيزة، وذلك لأن المحافظة ‏منفتحة على الجميع، وتضم إرثا ثقافيا وحضاريا وفكريا، ‏وفنونا مختلفة تجلب الزائر لها وتلفت انتباهه. وللمحافظة ‏رموزها الثقافية الذين أسهموا وأثروا الحركة الثقافية على ‏مستوى الوطن العربي. فمن الرموز الثقافية الأديب حمد ‏القاضي الذي رأس تحرير المجلة العربية سابقا، والدكتور ‏عبدالرحمن الشبيلي -رحمه الله- الذي أسهم في تأسيس إذاعة ‏الرياض، وأول سعودي يحصل على شهادة الدكتوراه في ‏الإعلام، والدكتور عبدالله الغذامي وعبدالله الكعيد والدكتور ‏إبراهيم التركي، ومن شعراء عنيزة هناك أسماء له مكانتها، ‏ومنهم الشاعر الكبير أحمد صالح الصالح (مسافر)، وإبراهيم ‏الدامغ ومحمد القاضي، وغيرهم من الشعراء.‏

لم يقتصر التنوع الفني في المحافظة على الإنتاج الأدبي، ‏فهناك الفن التشكيلي والإخراج السينمائي، فالمخرج وأحد ‏صانعي الأفلام الهندية إبراهيم القاضي من عنيزة، وإن ولد ‏وتربى في الهند، وأصبح من كبار المخرجين. ولا ننسى فرقة ‏عنيزة للفنون الشعبية الشهيرة التي تجاوز عمرها السبعين ‏عاما، والتي تقدم فنونا مختلفة من التراث الشعبي، وأول ما ‏يتبادر للأذهان فنانها الكبير الفنان الشعبي عبدالله الصريح، ‏أشهر الفنانين الشعبيين على مستوى الخليج.‏

ولو استعرضنا الشخصيات البارزة من المحافظة، نذكر أول ‏طبيب سعودي من محافظة عنيزة الدكتور حمد البسام، الذي ‏درس الطب في الهند، وأول وزير للعدل في السعودية الشيخ ‏محمد الحركان، وأول وزير بتاريخ المملكة عبدالله السليمان ‏الحمدان، وأول سفير من القصيم السفير محمد الحمد الشبيلي، ‏رحمه الله، وأول أمين لمدينة الرياض علي العبدالله النعيم. ولو ‏تحدثنا عن الرموز الدينية والتي نفع الله بها الإسلام والمسلمين ‏في جميع الأقطار الإسلامية من خلال دروسهم ومؤلفاتهم، ‏ومن أبرز علماء عنيزة الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي، ‏رحمه الله، والشيخ عبدالله القرعاوي -رحمه الله-، وكذلك العلامة الفقيه الشيخ محمد بن عثيمين عضو ‏هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء الذي أفنى ‏حياته بين التدريس في الجامعة وفي الجامع الكبير بعنيزة، ‏حتى أصبح منارة هدى يتوافد إليه طلاب العلم من كل الدول ‏لينهلوا من علمه رحمه الله. ولَم ينس أبناء المحافظة فضل ‏محافظتهم عليهم، خاصة الذين أصبحوا من كبار رجال ‏الأعمال في المملكة، حيث أنشؤوا المراكز التي تخدم ‏المحافظة في الجوانب الطبية والإنسانية ودعم الجمعيات ‏للخيرية، ورعاية الأيتام، ومن أبرز الشخصيات الاقتصادية ‏الذين خرجوا من المحافظة الشيخ سليمان العليان، والشيخ ‏علي الجفالي والشيخ علي التميمي وعبدالرحمن الزامل ومحمد ‏البسام، ولا ينسى دور المرأة العنيزاوية وجهودها ومواقفها ‏التي يحفظها أهالي المحافظة لها، ويتذكرون موضي البسام ‏التي يطلق عليها أم المساكين، والتي كان لها دور في سنة ‏الجوع التي حلت بنجد عام 1327 هجرية حين قامت بتوزيع ‏الأغذية التي كانت تتوفر في ذلك الوقت من الدقيق والتمر. ما ‏ذكرته نزر يسير، فهناك رموز لا يتسع المقال لذكرهم، كلٌّ له ‏بصمته التي لن ينساها التاريخ. باختصار عنيزة أرض العلماء ‏والفكر والثقافة والفن ورجالات الدولة المخلصين.‏