في عام 2019، سجلت وزارة الصحة وفاة 55 شخصاً بسبب الإصابة بفايروس «كورونا - ميرس» المرتبط بالإبل، لكن وسائل الإعلام على الرغم من تركيزها على «كورونا» وغيره من الكوارث الأخرى كالحوادث ووفيات الأمراض المزمنة، تجاهلت مسبباً كبيراً للوفيات في المملكة يطلق عليه طبياً «الأعراض والعلامات والنتائج السريرية غير الطبيعية التي لم تُصنّف في مكان آخر»، أو ما يمكن تسميته أيضا «موت غير معروف السبب»، وهو التشخيص الذي وُضع على شهادات وفاة أكثر من 15 ألف شخص في عام 2018.



مرض غير مصنف


ذكر مصدر طبي لـ«الوطن» أن الأعراض والعلامات والنتائج غير الطبيعية التي لم تُصنف في مكان آخر تعني المشاكل المحتملة الوارد حصولها في وضعية المريض الجراحية أو السريرية والتي لم تذكر في هذا التصريح للعملية أو لدخول المستشفى وتلقي العلاج المطلوب أو بعدها مثل الجلطات أو وجود تخثر للدم في الساق وتحرك هذه الجلطات إلى الرئة، وفي مثل هذه الحالات تكون نسبة الوفاة عالية جدا.

وسرد المصدر مثالاً توضيحياً لهذه الحالة قائلا: كأن يذهب مريض للخضوع لعملية جراحية من أجل استئصال الزائدة، لكنه توفي بعدها بسبب جلطة في الدماغ، وهنا يعتبر المرض الذي سبب الوفاة «غير مصنف»؛ لأنه دخل إلى المستشفى لأمر وانتهى به المطاف لأمر آخر، فهذا هو مصطلح «مرض غير مصنف».

مصطلح Idiopathic

يقول استشاري النساء والتوليد والأستاذ بجامعة أم القرى الدكتور ياسر كاتب لـ«الوطن» إن الأعراض والعلامات والنتائج غير الطبيعية يطلق عليها بالمصطلح الطبي (Idiopathic)، وهي العلامات التي تشمل بعض الأعراض ونتائج تحاليل غير طبيعية لبعض المرضى لكن لم يصل الأطباء أو العلم الحديث لمعرفة السبب المؤدي إلى هذه التغيرات، وعادة تسمى «غير معروفة السبب»، لهذا نجد هناك الكثير من الأبحاث في المجال الطبي لاستكشاف هذه المسببات.

تركيز الإعلام

يقول الباحثون إن وسائل الإعلام تركز على الأنباء التي تخص الأمراض القاتلة دون التركيز على حجم الوفيات التي يمكن أن تخلفها تلك الأمراض، فعلى سبيل المثال، فايروس «كورونا - ميرس» الذي ظهر في المملكة عام 2012، لا يمكن مقارنة الوفيات الناتجة عنه بوفيات مرضى القلب والأوعية الدموية، إذ إن وفيات القلب أكثر بكثير، لكن توجه الإعلام في المتابعة يكون أكبر تجاه أي مرض جديد أكثر من الأمراض المزمنة والمعروفة التي أصبح الإعلام لا يهتم بها كثيراً.

خطورة الأعراض

وفقاً للكتاب الإحصائي الخاص بوزارة الصحة لعام 2018، فإن المصابين بمرض السكري في السعودية يشكلون النسبة الأكبر من المصابين بأمراض مزمنة مشخصة وذلك من حجم السكان بنحو 8.5 %، ويحتل مرض ضغط الدم المرتبة الثانية من حيث الانتشار بين سكان المملكة وذلك بنحو 7.6 %، فيما تشكل الأورام السرطانية نحو 0.2 % فقط من انتشار الأمراض المزمنة، وعلى الرغم من ذلك نجد الاهتمام الإعلامي أكثر بالسرطان والأبحاث الخاصة به، ويعود ذلك وفقاً لعدد من الأطباء الذين تحدثوا لـ«الوطن» بالقول إن خطورة الأعراض والمعاناة من المسبب المرضي هي من تفرض نفسها في هذه الحالة، فمريض السرطان لا يمكن مقارنة حالته بمريض السكري أو مريض ضغط الدم مثلا.