وجدت دراسة جديدة لبيانات البنك الدولي أن صرف المساعدات إلى البلدان التي تعتمد بشدة على المعونة يتزامن مع الزيادات الحادة في الودائع المصرفية في المراكز المالية الخارجية. ووفقا لصحيفة "إيكونومست"، رفض البنك الدولي نشر ورقة الدراسة، الأمر الذي دفع كبيرة الاقتصاديين في البنك بيني جولدبيرج، وهي أستاذة الاقتصاد بجامعة ييل الأمريكية، إلى تقديم استقالة مفاجئة في 13 فبراير الماضي من منصبها ودخلت حيز التنفيذ اعتبارا من 28 من الشهر ذاته.

مساعدات البنك الدولي تغذي الفساد

وفقا لكاتب القصة ستيفانو فيلتري في مدونة مركز "ستيجلر" في كلية إدارة الأعمال بجامعة شيكاغو، يعتبر البنك الدولي الفساد تحديا رئيسيا لتحقيق أهدافه المتمثلة في القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك لأفقر 40% من الناس في البلدان النامية.

يعترف البنك الدولي على موقعه الإلكتروني بأن الفساد يمثل إحدى العقبات الرئيسية أمام التنمية. و"مع ذلك، وفقا للدراسة الجديدة، فإن مساعدة البنك الدولي في الواقع تغذي الفساد، فليس من المستغرب إذن أن يكون البنك الدولي قد حاول فرض رقابة على تلك الورقة".

استقالة مفاجئة لكبيرة الاقتصاديين

في العدد الأخير لها، ربطت مجلة "إيكونوميست" البريطانية الاستقالة المفاجئة لكبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي بيني جولدبيرج بالقصة التي وردت في ورقة الدراسة "النخبة يسرقون المساعدات الخارجية: أدلة من حسابات البنوك في الخارج".

قام بتأليف الدراسة كل من: بوب ريكرز وهو خبير اقتصادي بالبنك الدولي، واثنين أكاديميان هما يورجن جويل أندرسون (كلية إدارة الأعمال النرويجية) ونيلز يوهانسن (جامعة كوبنهاجن).

كتبت "الإيكونومست": "مرت مراجعة داخلية صارمة من قبل باحثين آخرين في نوفمبر. ولكن، وفقا لمصادر مطلعة، تم منع نشر نتائجها من قبل كبار المسؤولين في البنك".

بعد ذلك بأيام نشر يوهانسن تفاصيل الدراسة على موقعه الشخصي، وليس من الصعب فهم سبب غضب المديرين التنفيذيين بالبنك الدولي بعد ظهور هذه النتائج التي تكشف أن مسؤولين متنفذين في 22 دولة تقريبا كانوا يسرقون المساعدات المقبلة من البنك الدولي ويتزامن توزيع تلك المساعدات من زيادة أرصدة هؤلاء في عدد من البنوك الخارجية.

وجد كل من أندرسون ويوهانسن وريكرز أن مدفوعات المساعدات إلى الدول التي تعتمد بدرجة كبيرة على المساعدات تتزامن مع الزيادات الحادة في الودائع المصرفية في المراكز المالية الخارجية المعروفة بالسرية المصرفية وإدارة الثروات الخاصة، ولكن ليس في المراكز المالية الأخرى.

تقول الدراسة: إن "التفسير الأكثر منطقية لهذه النتيجة هو أن المسؤولين المحليين يسرقون جزءا كبيرا من أموال مساعدات التنمية ويخفون هذه الأموال في حساباتهم الشخصية الخارجية".

22 دولة

تدرس الورقة عينة من 22 دولة تعتمد على المساعدات، حيث يتجاوز متوسط ​​مدفوعات البنك الدولي 2% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي الغالب، عندما تتلقى دولة معونة تعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي، تزداد ودائعها في بنسبة 3.4%.

كشفت الدراسة أن نسبة التسرب من هذه المساعدات بلغت نحو 7.5%، وهذا يعني أنه مقابل كل 100 دولار يبدو أن أن هناك 7.50 دولارات تصبح أرباحا للفاسدين، ويتم تخبئتها في المراكز والبنوك المالية في الخارج.

جمعت هذه البيانات الحساسة من بنك التسويات الدولية والبنك الدولي، بحيث توصلت المعلومات إلى أن المساعدات التنموية التي تغذي الفساد هي في الواقع أموال تم إنفاقها من قبل مؤسستين رئيسيتين من البنك الدولي وهما: المؤسسة الدولية للتنمية وبنك التعمير والتنمية.

أسوأ البلدان

البلدان التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات، مثل أفغانستان أو بوركينا فاسو، عادة ما تكون أيضا هي الأسوأ. ووفقا لنتائج الدراسة، قد تساعد مساعدات التنمية على تحسين حياة الناس العاديين وتلبية احتياجاتهم العاجلة، ولكنها يمكن أن تساعد أيضا السياسيين المحليين الفاسدين على جمع ثرواتهم الشخصية بطريقة يمكن أن تعزز من سلطتهم. وإذا أصبح السياسيون المحليون أكثر ثراء وأكثر قوة نظرا لحجم ما يسرقونه من هذه المساعدات، فلن يكون لديهم أي حافز للعمل فعليا على تطوير بلادهم.

أفغانستان هي أكثر دول العالم اعتمادا على المساعدات: فهي تتلقى 33.5% من ناتجها المحلي الإجمالي كمساعدات أجنبية، وذلك من مصادر مختلفة. ويبلغ مجموع الودائع في أفغانستان في البلدان السبعة عشر التي تصنفها الورقة كملاذات الآن نحو 34 مليون دولار.

فعالية مكافحة الفساد

أثارت دراسة أندرسون، ويوهانسن، وريكرز أسئلة متعددة أخطرها يتعلق بمدى فعالية مشاريع مساعدات التنمية التابعة للبنك الدولي وأحكام مكافحة الفساد، وعلى ما يبدو، أنها لا تعمل بشكل جيد للغاية.

السؤال الثاني يتعلق بالرقابة والبحوث الأكاديمية. فالمؤسسات القوية مثل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو مجلس الاحتياطي الفيدرالي لديها خبراء اقتصاديون موهوبون وموارد لا حدود لها تقريبا للبحث، ولا يمكن التقليل من شأن مساهمتها المحتملة في تطوير المعرفة الاقتصادية. لكن الموظفين يفتقرون بوضوح إلى الاستقلال والحرية التي يفترض أن يتمتع بها الأكاديميون.

الإسكات والانتقام

استمرت الرقابة المزعومة على دراسة المساعدات التنموية والفساد بضعة أيام فقط لأن أحد المؤلفين قرر نشرها على موقعه الشخصي. ويوهانسن أستاذ جامعي بجامعة كوبنهاجن، لذلك فهو مستقل عن البنك الدولي. ومع ذلك، فإن كل خيار يأتي بثمن: لقد اعتمد على بيانات البنك الدولي في العديد من مشاريعه، والآن يعرض نفسه لخطر الانتقام من كبار مسؤولي البنك الدولي الذين سيعارضون على الأرجح ظهور الدراسة.

لدى المؤسسات الدولية، مثل الشركات الخاصة، ما يحتاجه الاقتصاديون لإجراء البحوث وهو البيانات. وتتعرض مصداقية البحث، والعملية الدائمة للسعي العلمي للمعرفة، إلى أضرار جسيمة إذا تم نشر نتائج رائعة فقط وإخفاء النتائج المثيرة للقلق أو إسكاتها.

يثبت برنامج "Papergate"، أنه لا توجد رقابة ممكنة إذا كان واحد على الأقل من الأشخاص الذين يعرفون السر يتمتعون بحرية التحدث.

الجميل في الأمر أنه بعد ساعات قليلة من نشر يوهانسون مسودة الدراسة عبر موقعه الشخصي على الإنترنت، نشر البنك الدولي أيضا النسخة النهائية للدراسة تحت عنوان "ورقة عمل أبحاث السياسة 9150".

مساعدات البنك الدولي وإيداعات المسؤولين في بنوك خارجية

أفغانستان

34 مليونا

3.27 %

أرمينيا

38 مليونا

6.87 %

بوركينافاسو

32 مليونا

1.5 1%

بروندي

103 ملايين

0.48 %

إرتيريا

8 ملايين

2.29 %

إثيوبيا

64 مليونا

1.61 %

غانا

76 مليونا

2.12 %

غينيا - بيساو

8 ملايين

3.14 %

غويانا

33 مليونا

3.60 %

قرغيزستان

11 مليونا

4.11 %

مدغشقر

193 مليونا

0.32 %

مالاوي

31 مليونا

3.97 %

مالي

27 مليونا

0.78 %

موريتانيا

32 مليونا

2.14 %

موزمبيق

40 مليونا

3.19 %