كانت الوقفة الشجاعة والقرار الحكيم في اتخاذ القرار بتأجيل تأشيرات العمرة والسياحة محط أنظار العالم كله تجاه المملكة العربية السعودية، لاستشعارها العمل الاحترازي المناط بها أمانة خدمة المسلمين في أرجاء العالم، مهما كان تأثيرها في السياحة وتقديراتها؛ لأن الهدف كان سامياً وهو حماية المعتمرين والسائحين لهذه البلاد من خطورة كورونا لا سمح الله. وإن كانت المملكة ولله الفضل لم تسجل سوى حالتين، وضعهما الصحَّي مستقّر بحمد الله، عندما أدركت هذه البلاد بقيادة مسؤوليتها العظيمة تجاه كل مسلم يصل إلى بيت الله الحرام، كان من أولوياتها التفكير بإيقاف برنامج العمرة هذه الأيام بشكل مؤقت، ورأينا الإجماع الإسلامي المتمثل بالمجامع الفقهية ومنظمة التعاون الإسلامي وشؤون الحرمين الشريفين والقطاعات الدينية في العالم كافة تؤُيّد ما ذهبت إليه السعودية من قرار حكيم هدفه الحفاظ على سلامة المعتمرين والزوار. وأعلن هذا في المواقع الرسمية لوزارة الخارجية حيث منصة التأشيرات، وأعلنت ذلك أيضاً وزارة الحج والعمرة، فقالت «تم تعليق دخول غير السعوديين للمملكة لأغراض العمرة والزيارة مؤقتاً من منطلق المسؤولية نحو منع تفشي مرض كورونا الجديد كوفيد 19». القرار أيضاً جاء في لفتة داخلية أعلنتها وزارة الداخلية بإيقاف العمرة والزيارة لذات الغرض، والذي ترجم بلاشك توجيه القيادة من منطلق حرصها على المواطنين والمقيمين، وتأكيداً منها بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لمحاصرة المرض والقضاء عليه، على أن يتم مراجعة هذا القرار بشكل مستمر، وإيقاف العمل به متى ما أنتفت الأسباب التي دعت إليه.

إن الموقف الإسلامي في تأكيد دور المملكة الريادي في قيادة الحرمين، والحرص على راحة المعتمرين، ونجاحات المملكة المستمرة في رعايتهما جعلها محل تقدير الهيئات والمنظمات الإسلامية والعالمية، حتى رأينا الدول الإسلامية بهيئاتها العالمية ودور الإفتاء فيها تؤكد سلامة مثل هذا القرار النابع من حرص السعودية على سلامة النفس البشرية، تحقيقاً لمبدأ درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، إدراكاً من المملكة بأهمية المحافظة على سلامة المسلمين والمواطنين والمقيمين، حتى تزول هذه الغمة عن هذه الأمة. ولقد تابعت كغيري هذه المواقف التي صدرت من رابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي التي يتَبعُها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وهي تُبرق للمملكة قيادة وحكومة، مؤكدةً أن هذا التوجه في ميزان أعمال هذه البلاد الطاهرة التي تحرص على نظافة الأماكن المقدسة من أن يطالها مثل هذا المرض وغيره، وقد رأينا العناية بالحرمين على مدى تاريخ الدولة السعودية الحديثة، وتسهيل الوصول إليها، وعندما تشعر المملكة بمكامن الخطر تتخذ ما تراه مناسباً للمسلمين جميعاً؛ حفاظاً على صحتهم، وتغليب مصلحة الصحة العامة للزوار والمعتمرين، على جلب ما لا سمح الله قد يحدث لو لم يكن مثل هذا القرار الحكيم. وتابعنا أيضاً الاتصالات التي أُجريت مع القيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وتؤكد وقوفها إلى جانب المملكة في قراراتها الحكيمة التابعة من وضع أولويات المسلمين في الاعتبار، والخوف عليهم. الدعاء بأن يحفظ الله بلاد الحرمين من كل مكروه، وأن يسَّدد قيادتها لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، إنه على كل شيء قدير.