لن أتحدث اليوم عن هيئة المحامين، لأنه ليس لها دور واضح في السوق القانوني، فالمجاملات لها دور كبير. فقط الآن في دورتهم الثانية يطلقون مسابقة الترافع للطلاب!.

صادفنا قبل مدة قريبة خبر اندماج شركتين قانونيتين كبريين في السوق السعودي. القارئ الجيد للمشهد يدرك الأبعاد والتحديات الاقتصادية التي تواجه مكاتب المحاماة الصغيرة والمتوسطة السعودية، على المدى القصير والمتوسط، بل حتى المكاتب والكيانات الاستشارية القانونية الكبرى، ربما تواجه المصير نفسه.

الممارسات الاحتكارية ممنوعة قانونًا، لأنه عندئذ يصبح السوق في يد لاعبين محددين، كل العمل في يدهم فقط، مما يقتل المنافسة الشريفة، وربما يعزز الفساد بطريقة أو بأخرى.

لا نكذب حين نقول إنه عندما يكون السوق القانوني خاضعا لتلك الممارسات غير القانونية، فهذا يؤدي إلى خروج اللاعبين الصغار والمتوسطين، وربما يسبب سحب الثقة من السوق، بحيث لا يقبل مجددا لاعبين جددا، وبطريقة أو بأخرى يتم تهديد السلم العدلي، نعم السلم العدلي، ولا أنسى ذكر أن السوق القانوني لدينا يعتمد في الدرجة الأولى على العلاقات العامة لا الخبرة الرصينة، فتصبح عقود الاستشارات في أيدي لاعبين معينين!.

الاحتكار يؤدي إلى رفع الأسعار، وهذا ما نراه في السوق القانوني، ويعاني منه المجتمع كاملا، وبالتالي لا يستطيع المواطن أو المقيم الحصول على تمثيل قانوني عادل أمام المحكمة، وهذا هو ما يضر السلم العدلي. وهيئة المحامين -مثلما أسلفت- تدور رحاها خارج المشهد القانوني، أين مبادراتها؟.

المعادلة معقدة، تعليم جيد يؤدي إلى تشريع قانون جيد، يؤدي إلى محام جيد، يؤدي أخيرا إلى عدالة مجتمعية منشودة، توفر للجميع أسعار خدمات قانونية ممتازة، في ظل سوق غير محتكرة.

الهيئة العامة للمنافسة لها جهود في الحقيقة جيدة، لكن يبقى السؤال المطروح: هل يتم تدقيق اندماجات الشركات الاستشارية القانونية من قِبلهم؟ ما الذي تفعله هيئة المحامين في هذا الشأن؟ لا ننسى دخول لاعبين كبار أجانب في السوق الاستشاري القانوني السعودي. والعتب هنا على بعض الجهات الحكومية التي تقدم الأجنبي على ابن البلد، مخالفة بذلك توجهات الرؤية 2030، وكل الجهود المبذولة لنمو مجتمعي واقتصادي مستدام، وعليه فلا بد من إتاحة الفرصة للمكاتب الاستشارية الوطنية، وطرحها في مناقصة شريفة نزيهة، ينافس فيها الجميع، وشروطها معقولة للجميع!.

هناك أمر سام صريح، حرصا من القيادة الرشيدة الحكيمة، يمنع جميع الوزارات والجهات الحكومية من التعاقد مع المكاتب والشركات الأجنبية العاملة في مجال الاستشارات، وأن يكون مقتصرا على ذوي الخبرة من السعوديين والشركات الوطنية. أين هيئة المحامين من هذا الأمر السامي الحكيم؟!