هذه القصة التي نرجو أن تكون خيالية، تلخص واقعا للأسف، تشرح تشدد البعض في الأمور، وكيف يقود للتنطع والتطرف في الرأي، وهذا قد ينطبق على عدة مجالات! دعونا في البداية نتفق على مبادئ معينة، الشعب السعودي كله وطني، والشاذ لا حكم له.
المبدأ الآخر، أنه لا يوجد هناك من يحتكر الوطنية أو عنده الحق بتصنيف الوطنية حسب مزاجه، فالوطنية ليست صكوك غفران لأحدهم في تويتر، يوزعها على الناس.
الحكومة لم تعط أيا كان الحق بتصنيف الوطنية في تويتر أو في وسائل التواصل الاجتماعي.
أرى في تويتر في بعض الأحيان، تكتب تغريدة أو تغريدتان لشخص، ويبدأ الهجوم عليه!. وعندما أراجع أجد أن لديه أكثر من 50 ألف تغريدة جيدة أو عادية، فإما أن الرجل تغير خلال هذه السنوات، لأن الجماد فقط الذي لا يتغير، وربما نضج. أو أن التغريدة مجتزأة من سياق ما، يحاول شرحه مثل الذي يجتزئ (ولا تقربوا الصلاة)، أو أن الموضوع فيه شيء شخصي نكتشفه لاحقا من القصة... إلخ.
أرجو من الجميع ترك سياسة القطيع، والنظر لمن يحاول أن يؤلب الناس على أي كان، بأن ينظر للأمور بحيادية.
تويتر ليس مكانا لتصفية الحسابات الشخصية، بل رأينا بعض الذين كانوا أصحابا ويتشدقون بالوطنية، عندما تخاصموا بدؤوا يهاجمون بعضهم البعض، وكل يدعي الوطنية لنفسه!
هذا لا ينقص أبدا من أحد أهم الأبطال في المملكة في السنوات الماضية، إلا وهو (المغرد السعودي)، الذي حارب بشراسة الحملات الإعلامية ضد المملكة، وكان حائط دفاع قويا ضد الحملات المشبوهة، بل كشف عدة جهات وأشخاص كانوا يتلونون، وللأسف كانوا يتبوؤون مناصب لا يستحقونها. المغرد الوطني أثبت جدارة في كشف هؤلاء المتلونين، وحقق إنجازات كبيرة، لكن من المهم أن لا أحد يستغل حماس وقوة المغرد الوطني السعودي لأغراضه الخاصة، أو تصفية حسابات، أو أن يتسلق مجهوده. قبل الحماس عليه التروي والعدالة والدقة والشفافية، والحكم بالمجمل لا يكون مع الموجة دون تحرٍّ. والمغرد السعودي ذكي ولا تمر عليه هذه الأمور.
يجب أن نفرق كليا بين المغرد الوطني الصادق بدون أجندة، وبين المتسلقين الذين قد يشبهون المكارثيين (مكارثي)، الذين يتهمون أي أحد يختلف معهم حتى لو كان أحد أصدقائهم. أعتقد أن العقل الباطني لهؤلاء المدعين للوطنية أو المكارثيين الجدد، متأثر بالصحوة! هم صحويو التفكير داخليا، لأن المجموعتين تستخدمان الأسلوب نفسه، الصحونج سابقا كانوا يقولون إن أي شخص ضدهم هو ضد الدين، وكأنهم الدين والعياذ بالله، وهؤلاء مدعو الوطنية أي واحد لا يعجبهم هو ضد الوطن، وكأنهم الوطن والعياذ بالله. وتجد بعض المكارثيين الجدد ركب الموجة، ولو رجعت لتاريخه لوجدته متقلبا بين التيارات، ودائما يأخذ التيار الأكثر تطرفا في كل الأمور.
الوطن أكبر من الجميع، وإذا نتكلم عن الوطنيين الحقيقيين وهم كثر، وكمثال واحد واضح، هم جنود الوطن على الجبهة، الفرد منهم يصاب ثلاث وأربع مرات، ويطالب بشدة بالعودة لساحة الشرف، يحرسون الوطن والمواطنين، ولم نجد أيا منهم يوزع صكوك الوطنية، أو يحتكرها كما يفعل بعض المستلقين في فراشهم، وعلى جوالاتهم بتويتر. تذكروا دائما في كل أموركم أننا نحن أمة وسط!