قتل 92 جنديا واصيب 47 آخرين في هجوم إرهابي لجماعة بوكوحرام استهدف وحدة عسكرية في مقاطعة البحيرة غرب تشاد الأربعاء الماضي. ووقعت اشباكات في المنطقة استغرقت قرابة الـ5 ساعات، واسفرت عن حصيلة هي الأكبر لجهة عدد القتلى منذ بدء الجماعة عملياتها في البلاد. ومنذ 2015، بدأت جماعة بوكوحرام الإرهابية شن هجمات على الدول المجاورة مثل: الكاميرون وتشاد والنيجر، وأوقعت أكثر من ألفي قتيل في دول حوض بحيرة تشاد. وكانت أفريقيا، تحولت إلى ملاذ جديد للنسخة الثانية لتنظيمي القاعدة وداعش، بعدما هرب إليها عناصر التنظيمين في أعقاب انهيار مشاريع الإرهاب والخلافة المزعومة في الشرق الأوسط، لينضموا إلى ممارسات بعض التنظيمات الشبابية التي بدأت أنشطتها الدموية في القارة السمراء مثل حركة الشباب في الساحل الشرقي، وبوكوحرام، وغيرهما في الساحل الغربي.

وبحسب قناة abc news حذر جنرال أمريكي مسؤول عن القوات الأمريكية في إفريقيا من أن التنظيمات الإرهابية في طريقها إلى التقدم في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل، مع فشل الجهود الدولية في كبح زيادة العنف. وفي جلسة استماع قال الجنرال ستيفين تاونسند رئيس القيادة الأمريكية الإفريقية «أفريكوم»، إنه في العام الماضي وحده حدثت زيادة بمقدار خمسة أضعاف في النشاط الإرهابي في منطقة الساحل - الامتداد شبه الجاف جنوب الصحراء الكبرى من موريتانيا والسنغال في الغرب إلى السودان وإريتريا في الشرق ـ. وتشير دراسات إلى وجود أكثر من 60 تنظيماً إرهابياً بالقارة السمراء، تنضوي معظمها تحت لواء تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، وتتبنى الفكر الإخواني، وأخرى مسيحية متطرفة مثل حركة «لأنتي بلاكا» في جمهورية إفريقيا الوسطى وجيش الرب في أوغندا.

استقطاب الشباب

استطاع تنظيما القاعدة وداعش استقطاب الشباب الذي يعاني أصلاً من البطالة والضياع، وتجنيده في نشاطاتهما الهدامة عبر إغراءات مالية ودعم سخي من بعض الدول، وكذلك فتح المجال لأعمال القرصنة والفدى وتجارة المخدرات التي توفر للجماعات الإرهابية مزيدا من الثراء الذي يستهوي الشباب.

واستغلت التنظيمات الإرهابية الطبيعة المعقدة للإنسان الإفريقي، حيث تتقاطع وتتشابك عوامل عدة في تلك المجتمعات يمكن اللعب عليها، أبرزها التناقضات الطائفية والإثنية والاختلاف في المستويات المعيشية وقابلية الميل إلى الجريمة المنظمة لبعض الفئات الشبابية، فضلاً عن التباين العقدي والمذهبي الغارق بين التقاليد المحلية والفكر التصحيحي الذي تدعيه الجماعات التكفيرية.

5 تنظيمات

تتقاسم 5 تنظيمات إرهابية القارة السمراء، وتصنف في قائمة الأكثر دموية، تتوزع بين الشمال، الغرب، الشرق والوسط الإفريقي، ومنطقة الساحل والصحراء، تتناحر فيما بينها بين فكري القاعدة وداعش، لكنها تتفق جميعها على تكفير المجتمعات المحلية وإهدار دم المختلفين معها. ونقلت صحيفة Washington post عن مسؤولين أمريكيين ومحليين قولهم، إن الجماعات المرتبطة بالقاعدة وتنظيم داعش في حالة حرب مع بعضها البعض في الشرق الأوسط، ولكنهما يعملان معاً في إفريقيا للسيطرة على الأراضي عبر امتداد واسع من غرب إفريقيا، لافتين إلى أن التنظيمين لا يعلنان صراحة مشروع الخلافة الإسلامية لتجنب التدقيق فيهما، وبهدف جمع القوة، والتآمر لتنفيذ الهجمات التي يمكن أن تصل في نهاية المطاف إلى أهداف دولية رئيسية.

إغلاق 3 آلاف مدرسة

نقلت صحيفة nytimes عن مبعوث الأمم المتحدة لغرب إفريقيا ومنطقة الساحل أن هجمات تنظيمي داعش والقاعدة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر استهدفت الجسور والقوافل العسكرية والمباني الحكومية، كما أغلقت ثلاثة آلاف مدرسة بسبب التهديدات الإرهابية، واغتالت رؤساء البلديات وزعماء محليين آخرين يشتبه في تعاونهم مع السلطات، كما زادت الهجمات في الدول الثلاث خمسة أضعاف منذ عام 2016، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 4000 حالة وفاة في عام 2019 مقارنة بما يقدر بـ770 حالة وفاة قبل ثلاث سنوات.

وثائق أمريكية

كشفت وثائق سرية للقيادة المركزية الأمريكية في القارة الإفريقية، أن القصف الجوي الذي نفذته استهدف 800 إرهابي من عناصر حركة الشباب منذ يونيو 2017، ويشكل هذا الرقم ضعف ما قتله الجيش الأمريكي في الصومال طوال ولايتي الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أبرزهم زعيمها السابق أحمد عبدي غودان الذي لقي مصرعه في ضربة جويَّة أمريكيَّة. وتشير بعض الإحصاءات إلى أن القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا «أفريكوم» نفَّذت منذ يناير 2020 نحو 3 غارات جوية ضد معاقل الحركة، بينما نفذت نحو 55 ضربة جوية ضد حركة الشباب في عام 2019، مقارنة بحوالي 47 ضربة جوية في عام 2018، فيما استهدفت 8 ضربات منها مقاتلي تنظيم داعش في الصومال.

بوكوحرام في الوسط

تأسست جماعة بوكوحرام في يناير 2002 على يد محمد يوسف، تحت مسمى جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، غير أنها غيرت اسمها إلى بوكو حرام، بما يعني بلغة الهوسا أن «التعليم الغربي حرام»، وتحولت إلى ولاية غرب إفريقيا بعد مبايعة تنظيم «داعش» في مارس 2015، بقيادة أبو مصعب البرناوي الذي عينه التنظيم والياً لتبدأ معارك مميتة مع الجيش النيجيري. وتسمى الجماعة التي تنشط في غرب ووسط إفريقيا بطالبان نيجيريا، وهي مجموعة تألفت من طلبة تخلوا عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم في قرية كاناما بولاية يوبه شمال شرقي البلاد على الحدود مع النيجر، وبدأت التمرد على الحكومة المركزية ضد انتشار التعليم الغربي في المدارس والجامعات النيجيرية، وسرعان ما تحولت إلى تنظيم دموي يقوم بعمليات خطف الفتيات من المدارس وتنفيذ عمليات انتحارية.

عمليات إرهابية

بدأ التنظيم عملياته الإرهابية بالتركيز على أهداف محددة داخل نيجيريا، وامتدت إلى حوض بحيرة تشاد، وتركزت على استهداف المدنيين والجنود بالقتل والنهب والاختطاف، فيما تسببت هجمات التنظيم الإرهابي في مقتل أكثر من 20 ألف شخص في نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد، وأجبرت أكثر من 3.5 ملايين شخص على النزوح بحسب تقارير للأمم المتحدة. واعتمد تنظيم بوكو حرام استراتيجية خطف الرهائن والتفجيرات الانتحارية والهجمات المسلحة، معتمدة في ذلك على الأطفال والنساء، واستهداف القرى والأسواق والمساجد والمدارس، والانخراط في شبكات الجريمة المنظمة، إلى أن باتت إيراداتها السنوية تفوق 10 ملايين دولار.

القاعدة في المغرب

يعد التنظيم أحد أقدم التنظيمات الإرهابية في إفريقيا كونها امتداد للجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية التي نفذت عدة مجازر بشعة في الجزائر ضد المدنيين خلال ما كان يعرف بالعشرية السوداء، قبل أن يعلن زعيمه عبد المالك درودكال في 2007 مبايعته لتنظيم القاعدة، وتغيير اسم التنظيم إلى القاعدة في بلاد المغرب ويعرف زعيمه بأنه خبير في صناعة المتفجرات. وقام التنظيم بتنفيذ عدة هجمات إرهابية بالجزائر، كان من أبرزها تبنيه محاولة اغتيال الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة عام 2007، إضافة إلى الهجوم المزدوج في أبريل 2007 بسيارات مفخخة بالقرب من قصر الحكومة خلف 30 قتيلاً وجرح 220 آخرين، غير أن ضربات الجيش دفع قادة التنظيم للفرار إلى تونس ومالي.

تحالف الجماعات

في عام 2012، انشق مختار بلمختار عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب وأسس جماعة الملثمين أو الموقعين بالدم التي نفذت الهجوم الإرهابي على منشأة «تيغنتورين» الغازية جنوب الجزائر سنة 2013، قبل أن يعلن بلمختار تحالفه مع جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وتأسيس جماعة المرابطين التي تنشط في جنوب الجزائر وشمال مالي وجنوب ليبيا. تعتبر الجماعة إحدى أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم ومنطقة الساحل والصحراء تحديداً، كونها تضم أكبر تحالف إرهابي يدين بالولاء لتنظيم القاعدة، منذ تأسيسها في مارس 2017، وتضم 4 جماعات إرهابية وهي جماعة أنصار الدين، وكتيبة المرابطون، وإمارة منطقة الصحراء الكبرى، وكتائب تحرير ماسينا، فيما يقود التنظيم الإرهابي إياد آغ غالي.

داعش إفريقيا

تنظيم داعش الإرهابي يعيد تمركزه في عدد من الدول الإفريقية منذ 2015، بعد أن تضاءل نشاطه في سورية والعراق عقب الضربات الموجعة التي تلقاها من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، غير أنه يواجه صراعاً مع تنظيم القاعدة يصل أحياناً لدرجة الاقتتال والانشقاقات.

ووجد التنظيم الإرهابي أفضل بيئة مواتية لنشاطاته الدموية في الصومال وليبيا وحوض بحيرة تشاد التي تضم نيجيريا والنيجر والكاميرون، إلى جانب الساحل الإفريقي في مالي وبوركينافاسو والكونغو الديمقراطية وموزمبيق، وخلايا نائمة في تونس، إلى جانب شبه جزيرة سيناء الذي يواجه فيه التنظيم ضربات يومية من الجيش المصري شلت حركته.

مصادر التمويل

نقلت صحيفة foreign policy عن مصدر أمني في مالي القول إنه بمجرد أن سيطر المسلحون على السكان المحليين، تمكنوا من الوصول إلى الموارد المحلية، مثل مناجم الذهب، والشبكات الإجرامية، مما سمح لهم بتوسيع نفوذهم على الممرات الاقتصادية الرئيسة، وفرض الضرائب، مثلما فعلت داعش في العراق وسورية. ونقلة وكالة الصحافة الإفريقية APA عن الرئيس السنغالي ماكي سال قوله، إن الإتجار بالمخدرات يساهم في تمويل الجريمة المنظمة عبر العالم بما في ذلك عمليات الجماعات الإرهابية.

الكوكايين والأدوية

بحسب مصادر محلية، فإن الجماعات الإرهابية في إفريقيا سواء أنصار الدين أو جماعة المرابطين أو جماعة التوحيد والجهاد أو حركة الشباب الصومالية تغرق في تجارة المخدرات خاصة الكوكايين، والاتجار بالبشر، والاختطاف وطلب الفدى، إلى جانب تجارة النفط والذهب، وعمليات الاحتيال والأدوية المزيفة.

وبات الإرهاب في إفريقيا يمول نفسه إلى حد كبير عن طريق الاتجار بالمخدرات والمنتجات الطبية المزيفة، ونمت عائدات هذه التجارة من 75 مليار دولار في عام 2010، إلى 200 مليار دولار عام 2020.

حركة الشباب

تأسست حركة الشباب التي تنشط في القرن الإفريقي عام 2006 بصفتها الذراع العسكرية لاتحاد المحاكم الإسلامية، الذي كان يسيطر على العاصمة الصومالية مقديشو آنذاك، وحققت عددا من المكاسب على الأرض، لكنها سرعان ما تكبدت خسائر بعد التدخل العسكري لإثيوبيا في الصومال، وبدعم من قوات الاتحاد الإفريقي التي استعادت السيطرة على العاصمة مقديشو عام 2008. وتخوض القوات الحكومية الصومالية مدعومة من قوات الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة وأطراف إقليمية ودولية أخرى منذ ذلك التاريخ معارك شرسة ضد حركة الشباب ونجحت هذه الأطراف في طرد الحركة التي تنشط بأعمالها الدموية في الصومال وكينيا وأوغندا والقرن الإفريقي بعد أن بايعت تنظيم القاعدة.

انشقاقات وخلافات

تشير مصادر متخصصة إلى أن الحركة الصوماليَّة تضم بين صفوفها ما بين 5 و9 آلاف مقاتل، بينهم صوماليون ومقاتلون أجانب، أغلبهم قَدِموا من دول عربيَّة، إضافة إلى باكستان، وعددهم نحو 800 مقاتل، غير أن الحركة فقدت كثيرا من الدعم الشعبي بسبب استهدافها للمدنيين، ما زاد الخلافات والانشقاقات في داخلها. ونفذت حركة الشباب منذ يناير 2020 نحو 106 عمليات إرهابية بواقع 99 عملية في الداخل الصومالي، و7 عمليات في الداخل الكيني، فيما تنوعت العمليات ما بين 34 هجوماً على قواعد عسكرية تابعة للقوات الحكومية الصومالية والقوات الإفريقية في الصومال «أميصوم»، و38 تفجيراً ما بين سيارات مفخخة وزرع ألغام أرضية وعبوات ناسفة ضد المدنيين و10 عمليات اغتيال.

مؤشر الإرهاب في إفريقيا خلال شهر

28 عملية إرهابية لحركة الشباب في الصومال وكينيا

22 عملية إرهابية لجماعة بوكو حرام بغرب القارة

600 قتيل ضحايا العمليتين وعشرات الجرحى

الجماعات الإرهابية الأكثر دموية في إفريقيا

حركة شباب المجاهدين في القرن الإفريقي

جماعة بوكو حرام تنشط في 4 دول وسط

القاعدة في بلاد المغرب العربي تنشط في الشمال

تحالف الجماعات الإرهابية ينشط في الساحل

داعش في إفريقيا ويضم العائدين من بلاد الشام

مصادر تمويل الجماعات

تجارة المخدرات، خاصة الكوكايين

الاتجار بالبشر والخطف

طلب الفدى والابتزاز

تجارة النفط والذهب

الاحتيال والضرائب وغيرهما