عجيب جدا أمر فيروس كورونا «Covid-19»، وستظل التكهنات حوله مستمرة لفترات طويلة، ومن الأكثر عجبا فيه، الربط بينه وبين غضب الله، سبحانه وتعالى..

قالوا وسيقولون إن كورونا عقاب إلهي دنيوي، وإهلاك من عند الله، وأن ذلك امتداد لسنة الله تعالى في الذين خلوا؛ أنهم إذا كثرت مفاسدهم غضب عليهم، ويستشهدون بقوله تعالى: ﴿فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾؛ فعاد، قوم هود لما عتوا واستكبروا أرسل الله عليهم ريحا صرصرا، وثمود، قوم صالح لما استمروا على طغيانهم وكفرهم، أرسل عليهم صيحة أخمدت أصواتهم وأسكتت حركاتهم، وقارون لما بغى وطغى، خسف الله به وبداره الأرض، وفرعون لما عصى واستكبر أغرقه الله، وهكذا جرت وتجري سنة الله تعالى في خلقه أن ينزل عذابه

على كل مجتمع كفر بنعمته، ويدللون على تصحيح أقوالهم بقول الحق: ﴿وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا * فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا﴾، وقوله تعالى: ﴿وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين﴾ وقوله: ﴿وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون﴾، وقوله: ﴿وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين﴾ وغير ذلك من الآيات التي تبين ما أصاب المجتمعات الظالمة المجاوزة لأوامر الله تعالى والمنتهكة لنواهيه.

كل ما تقدم من آيات كريمات أحفظها وغيري، ونتعبد بها ولا نكذب حرفا مما جاء فيها، ومع ذلك تبقى ضرورة التأكيد على أن الله، سبحانه وتعالى، لم يخلقنا كي يعذبنا أو يغضب علينا، وتبقى أهمية مناشدة الناس بالتوقف عن قول إن فيروس كورونا هو غضب من الله تعالى علينا.

كورونا عندي وباء، وبلاء، وابتلاء، ولن أستطيع أن أقول إنه سبحانه وتعالى، غضب على الصحابي الجليل أبي عبيدة ابن الجراح، رضي الله عنه، الذي فارق الدنيا في طاعون عمواس الشهير، ولن أقبل لو أصاب المرض أحد أفراد أسرتي، أن أسمع أن ربي غضب عليه، وعلي أن أنشغل بالبحث عن سبل الوقاية منه، وأن أعتقد تمام الاعتقاد أن كورونا مخلوق من مخلوقات الله، ولولا إرادة الله لما وجد، وأن قضاء الله وقدره يعم الصالح والطالح، والمؤمن وغير المؤمن، وأن كورونا وغيره يصيب كل الناس، والفرق في النتائج، وعلي أن أطلب المدد من خالقي سبحانه، وأدعوه ليل نهار، في أن يعجل بتجليته عن العالم كله.

من أسوأ ما يمكن أن يمر على الناس أن يحاول أحدهم تفسير كورونا وغيره، كما يحلو له، وليس كما يريده المولى سبحانه، ومعلوم بالعقل والنقل أنه مهما بلغت العبقرية بإنسان، لن يفهم كل الحكم الإلهية من الفظائع التي تمر بها البشرية؛ فكل ما يحدث ما كان ليحدث لولا مشيئة رب العباد وخالقهم، وعلينا الحذر من رمي اللوم على الله تعالى، أو تبرير إرادته لخدمة غاياتنا مهما كانت نبيلة.