يشهد العالم تداولا للأخبار المضللة، والكاذبة، والادعاءات عن المؤامرات، والحروب البيولوجية، اليوم، أكثر من أي وقت مضى، وذلك في أعقاب انتشار فيروس كورونا، ولكن المملكة -بفضل الله- كانت من الدول القليلة الناجحة في إدارة هذه الأزمة -ميدانيّا وإعلاميّا- وبمستوى عال من الانضباط والالتزام والشفافية.

إذا نظرنا إلى ترويج نظريات المؤامرة بسبب فيروس كورونا -على سبيل المثال من الجانب الصيني- يشار إلى أن فيروس كورونا جاء من أمريكا، حيث انتقلت العدوى عبر أحد افراد الجيش الأمريكي إلى الصين، وفقا لتصريح المتحدث باسم الخارجية الصينية.

ومن الجانب الأمريكي، يشار إلى أن معمل جينات في مدينة «ووهان» الصينية هو من طوّر هذا الفيروس، وتسبب في خروج الفيروس من المعمل وتناقله بين البشر، وقد وصف الرئيس الأمريكي «دونالد ترمب» الفيروس بأنه «صيني»، كما وصفه وزير الخارجية بـ«فيروس ووهان».

أما من الجانب البريطاني، فيشير الإعلامي «ديفيد آيك» إلى أن فيروس كورونا مطوّر جينيًا لاستهداف الكبار عمريا، أي أن الأفراد الذين تقل أعمارهم عن الخمسين عاما لن يتأثروا به، وأن النسخة الموجودة من الفيروس في إيطاليا مطوّرة أكثر بهدف القضاء على الكبار، لغاية حرب بيولوجية كما قال.

وحتّى إيران، المعروفة بأنها تعتّم على تفشّي الوباء، وتتلاعب بأعداد المصابين، دخلت ملعب نظريات المؤامرات، حيث غرّد الزعيم الإيراني خامئني في حسابه في «تويتر» قائلاً: إن بلاده تتعرض لـ«هجوم بيولوجي» يتطلب «دفاعا بيولوجيا».

وإضافة إلى ذلك، هناك مغرّدون من مختلف دول العالم يتناقلون صورا لرواية عنوانها «عيون الظلام»، نُشرت مطلع الثمانينات، وتنبأت بفيروس «ووهان 400» والذي -حسب الرواية- سينتشر في 2020، وستفشل الأدوية في مكافحته، وسيقضي على ملايين الأشخاص.

أيضا، تداول المغردون أجزاء من فيلم «عدوى Contagion»، الذي تنبأ في 2011 بفيروس مشابه في أعراضه لفيروس «كورونا».

هذه الجدليات حول فيروس «كورونا»، والمبالغة في الترويج لفكرة المؤامرة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، على مستوى الدول الغربية وإيران والصين، قد تقود إلى عواقب وخيمة بالنسبة لتلك الدول، كأن يتم توظيف الفيروس سياسيا، من أجنحة وتيارات مختلفة، إذ ظهرت في صحف يسارية أخبار عن كيف استغل التيار اليميني كورونا لخدمة مصالحه، بينما اليمين المحافظ يشير إلى العكس.

عندما يتم إرباك الجماهير بهذا الشكل، تفقد الجهات الرسمية مثل القطاع الصحي، وكذلك السياسيين الرسميين كثيرا من موثوقية الناس فيهم، وفي حال فقدان ثقة الجماهير يتسلل الخوف والهلع إلى أنفسهم، وعندما ينتاب الجماهير القلق فإن مستوى اتباعهم لنصائح وإرشادات السلطات ينخفض، وهو ما يتسبب في تفاقم الأزمة أكثر، هكذا تخبرنا علوم الاتصال.

الجانب الإيجابي من ذلك، هو أن هذا التداول لنظريات المؤامرة، وتراشق الاتهامات حول الفيروس، يلحظ في الفضاء العام العالمي خارجيا، وليس محلّيا.

في المملكة، هناك -ولله الحمد- حالة من الطمأنينة والموثوقية في السلطات، ويجري التعامل مع الفيروس بأعلى المعايير، وتدير وزارة الصحة أزمة الفيروس بشكل فاعل وممتاز، وقام المتحدث باسم وزارة الصحة محمد العبدالعالي، بدور جبّار في التواصل مع الجمهور المستهدف، وأثبتت المملكة نجاحها في إدارة هذا الفيروس ميدانيا وإعلاميا، بما يضمن حالة من الانضباط العام والالتزام بالتعليمات التي تنشرها الجهات المعنية.

النجاح السعودي فيما يتعلّق بفيروس كورونا يجب أن يكون مثالا تحتذي به الدول، إذ إن تداول نظريات المؤامرة على مستوى العالم يعكس مدى الخوف القابع في نفوس مواطنيهم، وكذلك يشير إلى عدم تفعيل إستراتيجيات اتصال فاعلة من الجهات الرسمية في تلك الدول لطمأنة الجماهير، ونفي الإشاعات والحد من التضليل.