بعدما أصبح انتشار فيروس كورونا واقعاً مؤلماً، فإنه لا بد من التعايش معه بكل قوة وعزيمة، فالتكاتف على مواجهته واجب إنساني دولي، لا تُستثنى منه أي دولة، لذلك طالبت منظمة الصحة العالمية الدول بالاستعداد للأسوأ بعد انتشاره. وقالت المنظمة «إن هذا اختبار واقعي لكل حكومة على الكوكب»! ولا بد من العمل على مواجهته، حيث قالت عالمة الأوبئة في المنظمة ماريا فان: (ما زلنا نتعلم الكثير عن الفيروس ولا يوجد سبب للاعتقاد بأنه سيتصرف بشكل مختلف في بيئات مناخية مختلفة، ويجب على العلماء البحث عن مصدره الحقيقي)!. انتشار الفايروس كان أكبر دليل وبرهان (وليس اختباراً) لقيادتنا الحريصة على صحة المواطنين قبل انتشاره، وما قدمته من إجراءات وقائية وبرامج توعوية، وما تقدمه الآن من إجراءات مختلفة بعد وصوله داخل البلاد من خلال القادمين من خارج المملكة، وانتشاره على مستوى المناطق، دفعها لأخذ احتياطات صحية ووقائية أعلى وأقوى، بهدف التمكن من حصر الوباء وعدم انتشاره أكثر، مُسخّرةً جميع إمكاناتها المادية والبشرية المتخصصة من أجل ذلك!. وذكرت عالمة الأوبئة في المنظمة أننا ما زلنا نتعلم من الوباء ولا بد من البحث عن العلاج. ولكن تعلُّمنا من هذا الوباء لا يقتصر على اكتشاف علاجه فقط، بل دفعنا لنتعلم أموراً مهمة أغفلناها بإرادتنا لانشغالنا بمتطلبات الحياة التي لا تنتهي !. ومن أهم الاكتشافات بعد الحجر والحظر ما يلي: قيمة الصلاة في المساجد، قيمة الوقت والبعد عن السهر لساعات متأخرة من الليل، والنوم لساعات متأخرة من النهار، دون اعتبار للواجبات الأسرية أو الوظيفية أو المدرسية، ما تسبب في كثير من المشكلات الأسرية، والإهمال الوظيفي، والتسيب المدرسي! كذلك ارتفع مؤشر قيمة الصحة الجسدية والغذائية، والنظافة الشخصية للصغير والكبير، والدليل التدافع اليومي على الصيدليات، ومتابعة الأخبار الطبية والتوجيهات الصحية!، ومراجعة الذات في ترتيب الأولويات الحياتية، ما يستحق الاهتمام وما يستحق التأجيل!. فالغفلة عن تقدير النِعم من حولنا لم نشعر بها أكثر إلا بعدما صدر الأمر الملكي بحظر التجول في ساعات مبكرة من الليل، خاصة قيمة الحرية والتنقل والسهر في مختلف المناسبات الاجتماعية حتى ساعات متأخرة من الليل بأمان واطمئنان، ثم صدر الأمر الملكي أيضاً بمنع التجول بين المناطق الثلاث عشرة، والخروج منها أو الانتقال لمنطقة أخرى، ومنع الدخول والخروج من بعض المدن، وذلك حرصاً على سلامة وصحة المواطنين أكثر بعد ازدياد حالات الإصابة بالفيروس!. والجميل مع هذه الاكتشافات لمن لا يعملون في الميدان ووجهاً لوجه مع المحتاجين للمساندة الصحية والأمنية والاجتماعية، أنهم أدركوا وجود قيادات وكوادر وطنية ذات كفاءة عالية تعمل بإخلاص وحب لوطنها (تحتاج منا الدعم والتقدير والالتزام بتوجيهاتها مهما كانت ضاغطة علينا نفسياً)، لأنها تبذل وما زالت الكثير من وقتها وصحتها من أجل احتواء هذه الأزمة - التي ندعو الله سبحانه وتعالى زوالها قريباً - والعمل على حمايتنا مما هو أسوأ، فهذه الأزمة ستحتاج إعادة أولويات، في مجالات كثيرة سيتم ذكرها لاحقاً.