يعيدنا «كورونا» في هذا العالم إلى صفاتنا الحذرة الأولى في بداية حياة الإنسان عندما كان يحاصرنا الخوف، فأقام الإنسان عندئذ الأسوار العظيمة التي تحيط بالمدن والمجتمعات، وأوجد البوابات والأقفال لهذه الأسوار لكي تصد كل كائن غريب لا يستطيع تعريف نفسه ضمن ذلك المجتمع الذي يتجه إليه، وها هي الحال اليوم تعيد العالم مجبرا إلى تلك المشاعر، التي من خلال سيطرتها على تفكير الناس قامت الدول ببناء أسوار الحماية من حولها خوفا من اقتحام ذلك الفيروس لتلك الأسوار التي أقامتها حول مجتمعاتها ومؤسساتها وبيئاتها المختلفة. لقد أصبح العالم يتعامل مع الكورونا من زاوية الأخطار كمشكلة واضحة المعالم والنتائج وليست أحجية لا يمكن فهمها أو تقدير سلبياتها، ونجده بالمقابل عندما يتعامل معها من زاوية الحل يقف عاجزا عن فك شفرة لغزها بالطرق العلمية المباشرة التي تقلل من الهدر البشري والمادي الذي يجتاح العالم بصورة كبيرة، ولذا سنت المجتمعات والدول الكثير من القرارات الاحترازية التي تتعامل مع كورونا من زاوية الحذر والوقاية، لأنها أدركت أن ثمن الوقاية على ضخامته أقل بكثير من ثمن العلاج الذي قد يُسبق للأسف بالكثير من الضحايا، ولهذا ومن موقع المسؤولية في وطننا قامت حكومتنا المحبة لشعبها باتخاذ الكثير من الإجراءات الصحية والوقائية لتجنيب وطننا ومواطنينا الأخطار المحدقة بنا وبالعالم، ومن ذات الموقع والمسؤولية علينا كمواطنين كل من موقعه؛ قائدا في مؤسسة، أو أباً في أسرة، أو مؤثرا في مساحة تأثير، أن يدعم هذه القرارات وهذه الإجراءات الوقائية، ليسلم لنا وطننا الجميل، ولننعم بحياةٍ آمنة، لكي نتقدم باتجاه الحياة مطمئنين، ولنصنع ذلك الغد الذي يكون مصدرا للتفوق والتفاؤل بما يستحقه هذا الوطن العظيم تاريخا وثقافة ومنبعا للخير والفضائل.