حياتهم كلها «جمعات»، تبدأ بصلاة الفجر عند خيمة أحدهم، وتنتهي بجلسات «تسامر» حتى منتصف الليل، وبين الفجر والخلود للنوم تكثر تجمعاتهم والتي أنهاها المنع والالتزام عندهم بالبقاء في الخيام، قرار حازم يفرضه كبارهم على الصغار، وفي ظل غياب الرقيب «الأمني» تجد بادية شرورة أن رقابة الذات تلزمهم بالتزام حدود خيامهم.

هدوء وسكينة

تزامنا مع فرض منع التجول، كان لسكان أطراف صحراء الربع الخالي خارج مدينة شرورة بمنطقة نجران وضع مختلف، حيث يسكنون على امتداد الكثبان الرملية المتواصلة على شكل سلاسل، وتتوهج الشمس اللاهبة على أرض رملية، فيبدو السراب على امتداد الافق وكأنه غدران من الماء الصافي، وفي الليل تهب النسمات الرقيقة وتسطع النجوم فلا تسمع لغواً ويعم الهدوء والسكينة، قاطنوها أشخاص يرون في حياتهم سعادة لا توصف في مكان ألفوه منذ عدة سنوات، والتزموا مخيماتهم المنتشرة منذ دخول ساعة منع التجول في السابعة مساء، حيث إن الغالبية يخلدون إلى النوم مبكرا ويستيقظون قبل صلاة الفجر كعادتهم منذ القدم، ويتجه الرجال عند السادسة صباحا إلى مدينة شرورة للتبضع وشراء احتياجاتهم من المواد الغذائية وكافة مستلزمات المعيشة وسط الصحراء.

إبل الأخاشيم

يقول محمد بن سالم بن معيقل إن أهالي هجرة الأخاشيم التابعة لمحافظة شرورة التزموا فورا بقرار منع التجول واتباع التعليمات الوقائية والأمنية، مشيرا إلى أن أصحاب الإبل والماشية يعودون بعد مهمة تفقد مواشيهم في الصحراء قبل ساعة من بداية منع التجول إلى منازلهم بالأخاشيم ويذهبون إليها منذ ساعات الصباح الباكرة، وتبعد الأخاشيم عن أقرب نقطة أمنية 35 كيلو وهي نقطة مدخل شرورة من جهة نجران وتقاطع طريق الخرخير.

أضاف مبارك كرامة الشنصوب الذي يسكن مركز تماني التابع لمحافظة شرورة ويبعد عنها 130 كم: جميع السكان ملتزمون في مخيماتهم ومتفرغون لرعي إبلهم وأغناهم منذ الصباح الباكر فقط، ولدينا التزام ذاتي مع النفس في منع أي تجمعات تنفيذا للإجراءات الوقائية من فايروس كورونا، مؤكدا أنه لم يذهب إلى أسواق شرورة منذ 15 يوما، بعد أن أمن احتياجاته منذ وقت مبكر، وقال علي الصيعري إنه يسكن خيمته في مركز تماني منذ عدة سنوات، ويؤمن احتياجاته الضرورية منذ ساعة مبكرة وبعد ساعة المنع يطفئ ماطور الكهرباء وينام حتى الفجر، ولا يستقبل أي شخص ويتعامل بالحذر مع التجمعات.