يشهد النفوذ الإيراني في العراق في عهد ما بعد اندلاع المظاهرات في الأول من أكتوبر ومقتل قائد فيلق القدس قاسم سليمان ورفيقه مهدي المهندس تراجعاً كبيراً، بعد ما أعلنت أربع فصائل شيعية رئيسية انسحابها من وحدات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، بالتزامن مع ترشيح محافظ النجف السابق عدنان الزرفي لرئاسة الحكومة المقبلة. نقلت مصادر غربية أن سبب انسحاب الفصائل الأربعة وهي كل من: لواء أنصار المرجعية، ولواء علي الأكبر، وفرقة العباس القتالية، وتشكيلات فرقة الإمام علي القتالية، يعود إلى خلافات داخلية واعتراضهم على تزايد نفوذ إيران داخل هيئة الحشد الشعبي، لتعلن هذه الفصائل الموالية للمرجع علي السيستاني الموافقة على دمج مقاتليها في المنظومة الأمنية العراقية الرسمية.

انسحاب الفصائل

يقول تقرير لمعهد أبحاث الشرق الأوسط ومقره في واشنطن: إن انسحاب الفصائل الأربع من الحشد جاء ضربة لوكلاء إيران في العراق، في وقت لم يتعافوا فيه بعد من ضربة قاصمة تعرضوا لها مطلع هذا العام بخسارة قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد أبومهدي المهندس في ضربة أمريكية قرب مطار بغداد.

اعتبرت الكتل السياسية الموالية لإيران في العراق بما فيها الفصائل المسلحة تكليف عدنان الزرفي لتشكيل الحكومة الجديدة من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح انقلاباً على الثوابت والقواعد التي أرستها إيران عبر قائدها الهالك قاسم سليماني في حقبة مع بعد زوال صدام حسين.

غضب الفصائل

أغضبت الخطوات التي اتخذها رئيس الوزراء المكلف على طريق تثبيت خيار تكليفه بتشكيل الحكومة العتيدة، من غضب الكتل السياسية الموالية لإيران، خصوصاً تأكيده أمام السفراء الأوروبيين مبدأ "العراق أولاً"، والحرص على إبعاد البلاد عن الصراعات الإقليمية والدولية ومنع تحوله إلى ساحة لتصفية الحسابات بين بعض الدول الإقليمية والقوى الدولية "إيران وأمريكا"، إلى جانب تمسكه بمبدأ حصر السلاح في يد القوات المسلحة وإنهاء نفوذ الميليشيات.

يفسر المراقبون أن هذه الخطوات رفعت حدة التهديدات والتحذيرات الصادرة عن طهران وبعض الفصائل العراقية الموالية لها، وتحديداً كتائب حزب الله، وحركة النجباء من مغبة أن تلجأ واشنطن إلى عمل أو انقلاب عسكري في العاصمة بغداد لفرض إرادتها على العملية السياسية.

لكن مراقبين محليين يشعرون بصعوبة مهمة الأطراف المقربة من واشنطن على الساحة العراقية في مواجهة التحديات التي يضعها الموالون لطهران أمام فرصتها في تشكيل الحكومة، وإعلان دعمها ومساندتها للزرفي، فضلاً عن صعوبة تخطي دور الفصائل المسلحة لطهران.

قدرات الزرفي

غير أن المتفائلين يراهنون على قدرات الزرفي في فرض رؤيته في إدارة الدولة والحد من تأثير الفصائل المسلحة ومصادرتها القرارات السياسية وهيمنتها الاقتصادية على البلاد، لتمرير الفرصة السانحة والتمسك بوصول شخصية غير مقربة من إيران إلى رئاسة الوزراء، مما يدفع الكتل المؤيدة إلى التأهب للبحث عن تسوية تفتح الطريق أمام الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة.

يقول تقرير معهد الأبحاث: إن الخلافات بين القوى الموالية لإيران التي تلت ترشيح الزرفي، تعكس استمرار حالة التشظي والفوضى التي يعاني منها الموالون لإيران، لافتاً إلى أن ترشيح الزرفي يمثل ضربة للكتل السياسية التي تضغط من أجل إبقاء عادل عبدالمهدي رئيسا للوزراء، رغم تقديمه للاستقالة في ديسمبر الماضي على خلفية الاحتجاجات الشعبية المناهضة لحكمه.

كيف أغضب الزرفي فصائل إيران؟

تأكيده أمام الأوروبيين مبدأ العراق أولا

- الحرص على إبعاد البلاد عن الصراعات الإقليمية والدولية

- منع تحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات بين إيران وأمريكا

- تمسكه بمبدأ حصر السلاح في يد القوات المسلحة

- إصراره على إنهاء نفوذ الميليشيات المسلحة