لا بد من صنعاء وإن طال السفر

مقولة نسمعها بين الحين والآخر، وبالبحث، وجدت أن أول من قالها هو الإمام أحمد بن حَنبَل في مكة المكرمة، وكان هناك عالم في اليمن اسمه عبدالرزاق الصنعاني، وكان الإمام ينوي السفر إلى صنعاء لملاقاة ذلك العالم، وشُوهد العالم في الحج، فقيل للإمام أحمد: لقد كُفيت هم السفر فإن العالم الصنعاني هنا، فقال: لا بد من صنعاء وإن طال السفر، حبا في التبحر في العلم.

كما ورد أن الإمام الشافعي قد صاغ تلك المقولة في بيت من الشعر يقول فيه: لا بد من صنعاء وإن طال السفر، وأقصد القاضي إلى هجرة دبّر، وهي قرية في سنحان في اليمن، والقاضي هو العالم إسحاق بن ابراهيم الدبري.

كما كتبها شعرا الشاعر اليمني عبدالعزيز المَقالح من عشرات السنين، وكأنها كُتبت لهذه الأيام، حيث قال:

يوما تُغنّى في منافينا القدر .. لا بدّ من صنعاء وإن طال السفر

لا بد منها حبنا أشواقنا .. تدوي حوالينا أين المفر

وبكل مقهى قد شربنا دمعها .. الله ما أحلى الدموع وما أمر

وعلى المواويل الحزينة كم بكت .. أعماقنا وتمزقت فوق الوتر

مهما ترامى الليل فوق جبالها .. وطغى وأقعى في شوارعها الخطر

إلى أن يقول:

صنعاء وإن أغفت على أحزانها .. حينا وطال بها التبلد والخدر

سيثور في وجه الظلام صباحها .. حتما ويغسل جدبها يوماً مطر

هذا ما كان من أمر القول "لا بد من صنعاء وإن طال السفر"، لما مضى، والآن يجدر بِنَا أن نقولها للمعتوه الحوثي وأربابه وشلة الفساد من إيران وحزب الله.

إن صبر قادتنا ما هو إلا تدبر الحكيم الحليم الحريص على سلامة اليمن ككل والمدنيين في المقام الأول.

إن إمعانكم في غيّكم، وإطلاق الصواريخ على مملكة الخير وعلى أبناء اليمن بل والمدنيين منهم، وسرقة لقمة عيشهم من أفواههم وحرمانهم من المساعدات الإنسانية، كل ذلك لن يمر بدون حساب، فالشعب اليمني لا يرضى بالذل أبداً، ولكل شيء حد وأوان.

لقد أمعن الحوثيون في غيّهم رغم اتفاقات أوسلو والحديدة التي أصلا لا تُبرم مع مارقين خارجين على كل شيء بما في ذلك خروجهم من عروبتهم وانتمائهم لليمن، إنهم لا يفهمون إلا لغة القوة، فماذا يرجى من مجموعة ليس لها مرجع إلا إيران، البلد الذي قادته يفعلون بكل ما أوتوا من قوة لتغيير خارطة العالم العربي بالذات، وخلق القلاقل وعدم الاستقرار، لكنها أحلام غافل عن عقله.

أما الأمم المتفرقة "المتحدة" فهي وكما أقول دوماً إذن من طين وأخرى من عجين، وإذا تحدثوا تتمنى أنك لم تسمع، - ويذكرني كلما تحدث أنطونيو جوتريش، والظاهر أن ريشه لا ينفشه إلا على من معه الحق، وكذا على شاكلته مندوبه مارتن جريفيث، ولا أعلم هل جريفيث هي تصغير للاسم أم للأفعال ـ نعم تذكرني تصريحاتهما بقول الشيخ علي بن يحيى الحدادي العامري عندما يقول:

أخدعتني طول السنين التي خلت .. وغيبت عن عيني وجود الحقائق

وأبديت لي أمراً وأخفيت غيره .. كأني عدو لست بعض الأصادق

ولم تزل الأيام تسعى بسعيها .. إلى أن أبانت لي عيون الحقائق

لعمري لم يخطر في بالي أن أرى .. دعاة ولكن في سجايا المنافق

أما مجلس الأمن فلا أمان له، وهو أسير للفيتو الظالم حسب مزاج الأخوة الأعداء، وأخيراً أقول للحوثيين وسادتهم:

اتق غضب الحليم ولو صبر .. لا بد من صنعاء وإن طال السفر