كنت أنظر بعين الراصد لتلك المؤتمرات الصحفية التي تعلن يوميا عن مستجدات فيروس كورونا على مستوى العالم، منها تلك الدول التي تزعم أنها العالم الأول، وانكشف عنها الغطاء بمجرد الحاجة إلى أجهزة التنفس الاصطناعي، حتى رأينا أمريكا تضخ التريليونات لمعالجة هذه الأزمة والجائحة التي عصفت بالكرة الأرضية، خاصة القارة العجوز والأمريكتين ودول الشرق الأقصى والشرق الأوسط.

وما تعانيه شعوب العالم بدءا من ووهان حتى آخر الدنيا، فقد وجدتها إعلانات خبرية لا تقدم جديدا، لا في مجال اللقاح أو العلاج، وإنما يرددون أعداد الوفيات جراء هذا الأمر الذي يعيشه العالم، لكن ما لفت انتباهي وبفخر تلك السباقات اليومية للأجهزة ووزارات الدولة المتعددة التي تنقل التوعية والإيضاح، مع رصد الميزانيات وإيجاد الحلول التي ترافق هذه الأزمة.

وأعجبت كثيرا منذ بدء المؤتمرات الصحفية لهذا المرض الجديد في عالم اليوم بتلك الشخصيات التي خاطبت الشعب السعودي بعقلانية ووضوح وشفافية، وعلى رأسها وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، الذي يخرج بين الفترة والأخرى ليعلن للعالم الأنباء والحلول لمعالجة الأوضاع التي ترافق كورونا، أجلاها الله عن العالم كله، ولعل آخرها ذلك الملمح الملكي بفتح مستشفيات المملكة الحكومية والخاصة أمام المواطن والمقيم والمخالف دون نظر للجوانب القانونية، كل هذا من أجل الإنسان وصحته وسلامته، في حين نرى دولا في العالم المتقدم تصرف نظرا عن علاج بعض كبار السن، وتطلب باقة تأمين على غير المواطن فيها دون مراعاة للإنسانية وللكارثة العالمية، ونجد أن بلدا مثل المملكة يسارع بيد المساعدة في توقيع اتفاقيات مع منظمة الصحة العالمية للمسارعة في تقديم الحلول العاجلة، والبحث عن كل أمر يصل بالإنسان إلى صحته، وتدفع المملكة كأول بلد من دول العشرين ما مقداره 10 ملايين دولار مساهمة منها لتلك المنظمة العالمية، وقبلها إلى الصين وإيطاليا وغيرها من الدول التي فتك بها هذا المرض.

ومن تلك المؤتمرات ما جعلني أشيد بتلك القفزات المتسارعة لأجهزة الدولة مثل وزارة المالية التي قدّمت ما يصل إلى 200 مليار ريال سعودي دعما للاقتصاد في برامج متنوعة للبنوك والصناديق والمنشآت الصغيرة والكبيرة، وبرامج الضمان الاجتماعي والصحي.

وكان من آخر ما أطلق عبر منصات المؤتمرات الصحفية تلك المبادرات الرائدة التي تجاوزت 17 مليار ريال سعودي لأجل مواجهة تداعيات أزمة كورونا، تماشيا مع توجيهات الدولة في احتواء الأزمة ودعم النمو الاقتصادي ودفع عجلة التنمية، وفي مقدمتها بنك التنمية الاجتماعية الذي أسهم بـ12 مليارا عبر محافظ متنوعة تدعم قطاع الأعمال والقطاع الطبي ودعم المنشآت متناهية الصغر، ليستمر أكثر من 6000 رائد أعمال في أعمالهم ومنشآتهم، ودعم الوسطاء والبنوك وتأجيل الأقساط حتى إلى ما بعد ثلاثة أشهر.

ورأينا برنامج صندوق الموارد البشرية هدف هو الآخر يخصص 5 مليارات لدعم وإعانة الباحثين عن العمل، وتدريب من التحقوا بوظائفهم.

كل هذا في سباق نحو مكافحة تداعيات الأزمة، وهي جهود قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وفق تأكيد وزير الصحة وأحاديثه التي يطمئن فيها المواطن والمقيم، مما يجعل الإنسان على ثقة بأن هذه الأزمة تعطي دروسا في التخطيط والاستعداد.

نلمس نجاحات التعليم ورسالته في التقنية وإبداعات الجامعات في التعليم عن بعد ومنصات العدل والداخلية والتطبيقات الآنية، ونجاحات إمارات المناطق في ملاحقة تطبيق الأنظمة على الجميع، ويبقي وعْي المواطن الذي يتلقى هذا السباق الرائد في منظور نجاحات الدولة عبر أجهزتها في كل اتجاه، ولله الحمد.

بقي أن نكرر ما يقوله متحدث وزارة الصحة الدكتور محمد العبد العالي دوما، كلنا مسؤول، وعلى الجميع أن يستَشْعر أمانته على أسرته ووطنه حتى تمرّ هذه الأزمة، بإذن الله تعالى.