-في لمح البصر، أغلقت الكرة الأرضية منافذها وعُلقت جسور التواصل بين الدول، لتتحد كل دولة بشعبها، وتصارع معه للنجاة من جيوش كورونا غير المرئية، التي أعدت عتادها بصمت، ثم هاجمت العالم كله في غفلة من حذر البشر.

-المرض.. العزلة.. الخوف.. والسخط.. والتخبط المرتكز على غموض هذا الفايروس، جعل كلا يدلي بدلوه لمسببات هذه الجائحة التي شلت حركة الأرض، وأربكت سكانها. حرب بيولوجية، صراع اقتصادي بين أمريكا والصين، الجيل الخامس من الهواتف الذكية هو السبب، لا بل غاز السارين المتسرب من مختبر بيولوجي من إحدى الدول هو المسبب!.

تعددت الاستنتاجات، وما تزال وستبقى معامل التفكير في أدمغة البشر تنتج تحليلات كثيرة، ثم تسربها إلى عقول الناس دون دليل واضح، ولا حجة قوية تثبت صحة القول. هذه التكهنات والاستنتاجات ضررها أكثر من نفعها في حل الأزمة الحالية، فهي عقيمة الفائدة، ذات ضرر خصب يلد الذعر، والخوف والحيرة بين البشر، ما يسبب اضطرابات نفسية مستجدة، تضاف إلى ما سبقها من أمراض نحن في غنى عنها خاصة في أزمتنا العالمية المشتركة.

-للأسف، الشعوب العطشى للمعلومة المطمئنة لا تدرك أن هذه التحليلات هي سور من عذاب يرتفع عاليا إلى الحد الذي تُسد معه منافذ الطمأنينة، فيتضاعف الخطر. وبدل أن نركز جهودنا لمواجهة المرض البيولوجي، نضطر أيضا إلى مواجهة أمراض الفوبيا والهلع والقلق التي حتما ستتجاوز المعايير الطبيعية، لتشكل خطرا يهدد الصحة النفسية للشعوب، بالإضافة إلى أن الضغط النفسي يوهن مناعة الجسد، ومن ثم يعجز الجسم عن مواجهة المرض.

-ما يجب أن يعرفه الجميع أن ليس كل من أطل علينا بروب الطبيب، مع نظارة سميكة، أو بدلة داكنة أو ثوب أنيق، مع بعض من المعلومات السياسية أو الاقتصادية سواء تكلم بلغتنا أو بلغة أجنبيه جدير بالثقة. فالنوايا متعددة والنتيجة السلبية واحدة. بعضهم به نهم لشهرة، وجد في خوف العالم من «كوفيد 19» سلما سهل التسلق، ليصعد عليه، لنجمة يتربع عليها في سماء الشهرة. وبعضهم.. أصابه ما أصابه من مرض القلق والوسواس والهلع، وسواء أكان مدركاً أو غير مدرك لحالته، إلا أن عقله الباطن أراد أن يطمئن قلبه برؤية العالم يشاركونه الرعب. وبعض آخر لهم أغراض غير شريفة في محاولة تحقيق أهداف تنافسية، بتصويب كرة الإشاعة نحو مرمي السياسة أو الاقتصاد أو المنظومات الاجتماعية. الأسباب كثيرة، ونتائجها الكارثية واحدة.

-عدم تداول الإشاعات والرسائل السلبية، هو ما على العالم بشكل عام فعله، وما علينا نحن بشكل خاص، التنبه له ومحاربته هنا في أرضنا، داخل وطننا.. لا داعي لترجمة مقاطع تهويل لا نعرف مصدرها ومدى صحة مضمونها، وليس من المصلحة العامة والخاصة، أن تكون برامج وسائل التواصل في هواتفنا صناديق بريد سريعة، لنقل الغث بكثرة مع إهمال الثمين المفيد.

-وزارة الصحة مشكورة وكل القطاعات الأخرى تعاملت معنا كشعب، بشفافية وصدق عميق بمجريات أحداث هذه الجائحة، وخط سيرها وأسلم الطرق لمواجهتها.

-ليتنا نعتمد المعلومة من مصادرها الرسمية، فالعالم كله ينزف، والحكيم من يحاول أن يعالج هذا النزف بما يناسب الأرض التي يعيش فيها، وبناء على التعليمات والقوانين التي تصدر منها، بناء على ظروفها الخاصة بها، دون الاستعانة بمعلومات خاطئة أو تحليلات مسمومة تبطئ إحكام الحصار على هذا الفايروس اللعين.

#كلنا مسؤول في تجفيف مصادر الخوف والشائعات المرعبة لسلامة نفسية نحتاجها بشدة في هذا الوقت، لنكون يدا بيد لمحاربة هذا الفايروس.