تشكل القصائد والأهازيج والأدب الشفهي والحكايات والحكم والأمثال المتناقلة عبر الأزمان جزءاً لا يتجزأ من تراثنا الثقافي الذي خلّفه الأجداد في أجيال مُتعاقبة، لكن هذا التراث يظل في حالة اندثار متواصل؛ نظراً لانصراف الكثير من المثقفين والجهات المعنية عن تسخير المجهودات اللازمة للحفاظ على هذا النوع من التراث المتمثل في الأدب القديم والقصائد والحكايات النادرة، لتظل طقوس هذا التراث حاضرة في حضرة كبار السن الذين يحتفظون بتلك الذاكرة الأدبية العظيمة في سرد جعبتهم الأدبية، على أمل أن ترسخ في ذاكرات الزمن الحاضر والمستقبل.

وثائق تفصيلية

أكد عضو جمعية الثقافة والفنون بالباحة الدكتور علي الرباعي لـ«الوطن» صدور الموسوعة الشاملة بعنوان «الأدب الشفهي والطب الشعبي» التي تعد وثائق تفصيلية للحياة الاجتماعية في منطقة الباحة، حيث اشتملت على ثلاثة مجلدات تحتوي على 1200 صفحة تشمل قصائد وحكايات وأدبا شفهيا إلى جانب الطب البديل، حيث إن هذا العمل أبصر النور في شهر فبراير الماضي، بعد عمل استمر 8 سنوات بدايةً من الاجتماعات المكثفة مع أفراد الجمعية، وذلك بهدف توفير المصادر الأدبية الموثوقة وتصميم الاستمارات والاستبيانات التي تحتوي معلومات دقيقة، حيث تم الاستعانة بجامعة الباحة لعمل الاستبيانات بشكل أكثر احترافية ودقة ثم وضع خطة لحصر أكبر قدر من الأمثال والقصائد والحكايات القديمة التي يحتفظ بها كبار السن والرواة من أهالي المنطقة الجنوبية.

الأدب المتداول

أضاف الرباعي: عملنا على إيجاد عدد كبير من المتطوعين الذي بلغ عددهم من 60 -70 متطوعا من القطاع التعليمي، منهم المعلمون والأكاديميون ومجموعة من الشباب المثقفين الذين ينتمون للجمعية، حيث تم توزيع المهام بشكل متساوٍ، ليقوم المتطوعون بالذهاب إلى ست محافظات، بهدف الالتقاء بكبار السن والرواة المعروفين بسرد الحكايات والقصائد وجميع أنواع الأدب المتداول عبر الأجيال.

وتابع الرباعي بقوله: إن العمل خلال الفترة المحددة كان شاقا ومجهدا نظراً لكثير من الظروف التي حدت من تعطيل العمل لفترة ما ومنها اعتذار بعض كبار السن أو صعوبة العثور عليهم في بعض المحافظات، لكن العمل وجد الكثير من التشجيع والدعم من خلال دعم الأمير مشاري بن سعود، ورجل الأعمال محمد الفقاس.

تصحيح الموسوعة

أشار الرباعي إلى أن الموسوعة هي من نشر وتوزيع مركز الملك عبدالعزيز في منطقة الرياض للعلوم والأبحاث، حيث عمل المركز في غضون ثلاث سنوات على تصحيح الموسوعة بشكل كامل وحذف بعض القصائد التي قد تحتوي على كلام مسيء، وذلك من قِبل أساتذة مختصين في اللغة العربية واللهجات الخاصة بالمنطقة الجنوبية، موضحاً أن هذا العمل الضخم سيكون في نقاط البيع المتخصصة خلال الفترة القادمة، حيث تم وضع ميزانية 50% من مبيعات الموسوعة لجمعية الأطفال المعاقين في مدينة الباحة والباقي سيكون لفعاليات الجمعية.

عمل أدبي

أوضح مدير جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الباحة علي البيضاني أن العمل على الموسوعة يعد عملاً أدبياً شاملاً يختص بكافة الجوانب الاجتماعية والثقافية في المنطقة الجنوبية، وذلك فيما يختص بالجانب الثقافي والعلاجي والمهني والفلكلور الشعبي والأكلات التقليدية بكل منطقة، مؤكداً أن هذا العمل يأتي ضمن إطار السعي لتوثيق وحفظ الأعمال المندثرة عبر الأجيال لتصبح مرجعاً هاماً في المستقبل لجميع المهتمين بشتى جوانب الإنسانية عبر الأزمان.

إرث ثقافي

يرى مدير جمعية الثقافة والفنون بجدة محمد آل صبيح أن الأدب الشفاهي على وجه الخصوص يشكل إرثا ثقافيا يستحق المحافظة عليه وتوثيقه في كتب وموسوعات ثقافية من قِبل الجهات المهتمة بهذا النوع من الأدب المتوارث، فكبار السن والرواة هم ثروة الماضي من خلال ما يمتلكونه من قصائد وقصص وأهازيج تشكل الثقافة والفلكلور الشعبي لكل منطقة.

فن المنمنمات

في ذات السياق، قامت مجموعة من الشابات السعوديات ومنهن: إشراق العويوي، وخلود سالم، بتأسيس فن المنمنمات التشكيلي الذي يمثل فنا قديما منتشرا في كل دول الخليج، حيث يتم من خلال هذا الفن رسم لوحات وجداريات تعكس شكل الحياة القديمة في كافة المناسبات الاجتماعية مثل حفلات الزواج والمهن النسائية قديماً في مدن المملكة وخاصةً في منطقة الحجاز من خلال الرسم بشكل فني وألوان براقة، إذ يعد هذا الفن من أبرز الفنون المنتشرة في المنازل الخليجية قديماً.

أنواع الآداب المندثرة عبر السنوات والأجيال

-الأدب الشفاهي أو الفن القولي أو الأدب التعبيري والطب الشعبي

-الأمثال الشعبية التي تشكل عصب الحياة الأدبية من خلال سردها في كل مواقف الحياة اليومية

-القصائد والأشعار العامية والنبطية الحاضرة في المناسبات الاجتماعية

-الحكايات والقصص الواقعية والأسطورية

-الأغاني والأناشيد التي كانت تُغنى في ليالي الأُنس والتجمعات العائلية أو أفراد القبيلة