في أزمة 2008 انهارت الأسواق العالمية، وانهارت الأسهم، وتعثر كثير من الشركات الكبرى المهمة حول العالم، وكانت أسعار النفط جيدة للغاية، وكانت وقتها فرصة ذهبية للاستحواذ على الشركات الكبرى ذات التقنية العالية ونقل بعض أنشطتها إلى المملكة، كما نعرف شركات كبرى لم يكن يخطر ببال أحد أن تصل أسعارها للحضيض، فمثلا في قطاع السيارات جي أم. الكبرى وتدخلت الحكومة الأمريكة لإنقاذها، وكانت أسهمها فعلا بسعر بخس. هذا غير البنوك التي تقريبا سقطت مثل السيتي. جولدن ساكس ومورجان ستانلي، وأيضا تم إنقاذهم من الحكومة، بالإضافة لعملاق التامين أيه أي جي، وكانت الفرص منتشرة والشركات في وضع يأس في كل العالم، خصوصا الشركات ذات التقنيات الحديثة، بأسعار رخيصة، كأنها ثمرة يانعة تحتاج من يخطفها، للأسف وقتها الإخوان في المالية كانوا متحفظين جدا لدرجة غريبة، وكانوا لا يؤمنون كثيرا بالاستثمار في الشركات العالمية، بل أغلب تركيزهم منصب على السندات، والباقي محاولات خجولة. قلنا مرارا وتكرارا نحتاج لاستثمارات عالمية ونحتاج لاستغلال الفرص، وإن التقنية لن يتم نقلها بشكل عملي إلا بالاستحواذات، ومن ثم الدخول في مجالس الإدارة والتأثير، والنفوذ لفتح فروع لها في المملكة. لم تكن أقوالنا تعجب البعض في المالية، كانوا إلى حد ما يستخفون بالاستثمار الخارجي، وفِي بعض الأحيان بنوع من السخرية المؤدبة، كنا نكتب ونتمنى صندوقا سياديا عالميا نشطا في كل العالم، يجلب دخلا للوطن، وفي الوقت نفسه له القدرة لنقل التقنية من خلال شروطه. لم نيأس واستمررنا نذكر بالموضوع ونعيده دون ملل، كان هناك بعض الإحباط لكن الاستمرار قد يبعث الأمل، إلى أن جاء القائد المجدد ابن سلمان وغير وجه السعودية، وبدأ بناء صندوق عالمي أكبر مما حتى كنا نحلم به، الآن جاء الوقت، والفرصة مرة ثانية مع أنه من النادر أن تطرق الفرص الباب بكثرة، هناك حاليا شبه انهيار في الأسواق العالمية والأسهم في الحضيض، خصوصا الشركات الكبرى حول العالم، يقول المثل الشعبي (جاك يا مهنا ما تمنى) يا صندوق الاستثمارات جاك ما تتمنى!

فأزمة كورونا سوف تتبدد وتختفي، والموضوع مجرد وقت بسيط لا أكثر، وأقصد أسابيع، ونقولها من واقع اعتقادات مبنية على أسس علمية كثيرة، وسيرجع الاقتصاد إلى دورة الصعود، بل أقول إنه سيعقب هذا الركود الحالي، انتفاضة في الأسواق وصعود كبير في الاقتصاد العالمي للتعويض، وأيضا رد فعل للركود الحالي بسبب كرونا.

هناك مقولة شهيرة تنسب لعائلة روتشيلد الشهيرة «اشترِ عندما يكون هناك دم في الشوارع»، وسأعيد صياغتها وأقول اشترِ عندما يكون هناك كورونا في المدن.

مقومات الاقتصاد ليست سيئة قبل كورونا، لكن انهيار الأسواق كان معظمه نفسيا، وبسب الحظر المفروض عالميا وتوقف كثير من الأعمال، كورونا شيء مؤقت وليس دائما، لذلك هي الفرصة المؤاتية للشراء والاستحواذ والربح. حاليا الكاش ملك، كما هو حاله دائما، لكن مع هذه الظروف الحالية هو المسيطر بقوة.

هناك بعض المتحفظين في كل أزمة، لكن تذكروا أنه لم يصنع التاريخ المترددون.

هي نصيحة للإخوان في صندوق الاستثمارات بغض النظر عن قبولها، لكن حتى لا يبكي أحد على اللبن المسكوب مرتين. لا أطالب باستحواذ كل شيء، لكن بعض الاستثمار في عدة مجالات متنوعة قد تكون نقلة نوعية وتاريخية للصندوق.