لم يعتقل سيف الإسلام القذافي أحد ابناء العقيد معمر القذافي وهو كان ليل الإثنين الثلاثاء في طرابلس حيث التقى عددا من الصحافيين ومن بينهم مراسل وكالة فرانس برس في مقر إقامة والده.

وليل الأحد الإثنين، أعلن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو-أوكامبو أنه تلقى "معلومات موثوقة مفادها" أن سيف الإسلام الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف من المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في ليبيا، قد اعتقله الثوار.

أعلن مصدر مطلع لدى الثوار الليبيين  مساء أمس (الإثنين 2011/08/22) أن محمد القذافي، أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي والذي اعتقله الثوار قبل أمس الأحد في طرابلس، تمكن من الفرار.

وقال هذا المصدر رافضا كشف هويته في بنغازي معقل الثوار في شرق البلاد "نعم، هذا صحيح، لقد هرب".

كما قال ميخائيل مارجيلوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي إن بلاده لن تمنح الزعيم

الليبي معمر القذافى أبدا ملجأ آمنا.

ونقلت وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء عن مارجيلوف قوله إن روسيا "لن توفر ملجأ للقذافي، لقد فقد ثقتنا عندما أمر بالهجمات ضد المتظاهرين السلميين ولن نستقبله ولا ابنه سيف الإسلام ولا أي شخص تلطخت يداه بدماء

الأبرياء".

وجددت وزارة الخارجية الروسية دعوتها اليوم إلى المجتمع الدولي بعدم التدخل في "الشؤون الداخلية" لليبيا.

وقالت في بيان :"ندعو كل الدول إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية الليبية والمساعدة في حماية المدنيين وإقامة سلطة شرعية في البلاد".

وأعربت موسكو عن أملها أن تتوقف إراقة الدماء بعد تولي الثوار السلطة.

استمرت المعارك اليوم الإثنين 2011/8/22 في طرابلس التي دخلها الثوار يوم أمس بدون مقاومة تقريبا من جانب قوات الزعيم الليبي معمر القذافي فيما تدفق الثوار إلى الساحة الخضراء بوسط العاصمة.

وقال مراسل وكالة فرانس برس إنه رأى شاحنات تنقل متمردين ليبيين فضلا عن سيارات ومركبات أخرى توافدت اليوم الإثنين من غرب ليبيا على الساحة الخضراء التي أعادوا تسميتها "ساحة الشهداء" بوسط طرابلس.

ورفع الكثير من المتمردين أعلام الثورة على نظام القذافي أثناء توجههم للساحة تعزيزا للمقاتلين المتواجدين بها والذين سبق وتعرضوا لنيران قناصة موالين للزعيم الليبي.

وقد أعلن المجلس الوطني الانتقالي للمتمردين الليبيين أنه يتأهب للانتقال إلى طرابلس.

وصرح رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل أن "حقبة القذافي انتهت" مطالبا مقاتلي المعارضة المسلحة ضبط النفس وعدم التعرض لأرواح وممتلكات الليبيين.

وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي في بنغازي "أقول وبكل شفافية أن حقبة القذافي بكل مساوئها قد انتهت". غير أنه حذر من الإفراط في التفاؤل قائلا "المرحلة القادمة لن تكون مفروشة بالورود، فأمامنا الكثير من التحديات وعلينا الكثير من المسؤوليات".

وتابع "أننا على أبواب مرحلة جديدة نسعى خلالها لبناء دولة على الأسس والمبادئ التي التزمنا بها، وهي الحرية والعدل والمساوة والديموقراطية في إطار إسلامي وسطي".

وفي وقت سابق قال عبد الجليل إنه مازال من الصعب القول ما إذا كان القذافي قد فر من البلاد أم ما يزال في باب العزيزية.

وقال محمود الناكوع القائم بأعمال السفارة الليبية في لندن التي اعترفت بالمجلس الانتقالي للمعارضة كممثل وحيد عن الشعب الليبي "لا تزال توجد بعض الجيوب التي تدعم القذافي. وربما يدور قتال في بعض المناطق، ولكن بشكل عام فإن مقاتلينا يسيطرون على 95% من المدينة والبلاد".

وقال إن "المجلس الوطني الانتقالي سينتقل قريبا من بنغازي إلى طرابلس وسيعين حكومة انتقالية جديدة ستحكم البلاد".

وأعلنت مصر والكويت اعترافهما بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي.

كما عبر الأردن عن أمله بأن تشهد ليبيا "انتقالا سريعا وسلميا" للسلطة بعد إعلان الثوار سيطرتهم على مناطق واسعة من العاصمة طرابلس.

وأعربت الجامعة العربية عن "تضامنها الكامل" مع المجلس الانتقالي للمعارضة المسلحة. وقال الأمين العام للجامعة نبيل العربي إنه يأمل أن "يتحقق النجاج للمجلس في جهوده لقيادة المرحلة الجديدة والحفاظ على سلامة ليبيا".

وشكر ممثل المجلس الانتقالي الليبي في مصر حلف شمال الأطلسي على دعمه غير أنه قال إن "ليبيا لن تسمح بعد الثورة بوجود قواعد لحلف الأطلسي".

وأضاف عبد المنعم الهوني في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية "نشكر الأطلسي على ما قام به لأن مساعدته قللت الفاتورة البشرية".

وتابع الهوني، الذي كان يشغل موقع المندوب الدائم لليبيا لدى الجامعة العربية قبل أن ينشق عن القذافي "ليبيا دولة عربية إسلامية قبل حلف الأطلسي وبعده وهي جزء من أمتها العربية الإسلامية وعضو فاعل فيها".

وفي هذه الأثناء توالت ردود الفعل الدولية حيث قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن نظام القذافي"يتقهقر بالكامل" داعيا الزعيم الذي حكم البلاد 42 عاما إلى "الاستسلام دون شروط".

ودعا مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان إلى "احترام حقوق الإنسان والعدالة" وتجنب "الثأر" في ليبيا.

ومن جانبه دعا رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني القذافي لتسليم نفسه الإثنين معربا عن تضامن إيطاليا مع المتمردين في معركتهم للسيطرة على طرابلس.

وقال برلوسكوني "نطلب من العقيد القذافي إنهاء المقاومة التي لا طائل من ورائها وكف المزيد من المعاناة عن شعبه".

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد قال أمس الأحد أن نظام القذافي "يحتضر"، داعيا المتمردين إلى احترام حقوق الإنسان والسير باتجاه الديموقراطية.

فيما عبر الأردن عن أمله بأن تشهد ليبيا "انتقالا سريعا وسلميا" للسلطة كما رحبت فرنسا بما بات شبه مؤكد من هزيمة نظام معمر القذافي واقترحت عقد قمة لمجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا لتنسيق الموقف من الصراع.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لآن جوبيه وصلنا إلى نقطة الحسم، ما يحمل على الارتياح الشديد. لقد جازفت فرنسا بشكل محسوب، ولكن القضية كانت عادلة.

وفي موسكو دعا بيان للخارجية الروسية إلى "احترام قرارات مجلس الأمن والامتناع عن كافة أشكال التدخل في الشؤون الداخلية الليبية".

وكانت روسيا والصين قد امتنعتا عن التصويت على قرار مجلس الأمن 1973 الذي أجاز في مارس التدخل الدولي ووجهت روسيا بعد ذلك انتقادات شديدة لكيفية تفسير حلف شمال الأطلسي صلاحيات القرار الدولي.

إلى ذلك، بدأت السفارات الليبية في الخارج إعلان الانشقاق عن نظام القذافي والانضمام للمعارضة.

فقد وصف بيان للسفارة الليبية في دمشق ما يحدث في ليبيا بأنه "إعادة كتابة تاريخ".

وأنزل ليبيون في الكويت علم معمر القذافي عن سفارة بلادهم في مدينة الكويت ورفعوا بدلا منه علم الثورة، فيما تكررت مشاهد مماثلة في السفارة الليبية في أنقرة.

ورحبت جماعة الأخوان المسلمين في الأردن بسيطرة المتمردين على أغلب أنحاء طرابلس، فيما هنأتهم حركة حماس الإسلامية بـ"الانتصار الكبير".

وفي شوارع طرابلس خرج آلاف الليبيين للترحيب بمقاتلي المعارضة.

وأظهرت قناة سكاي نيوز التلفزيونية الإخبارية حشودا تلوح بأعلام الثورة المناهضة للقذافي، وكانوا يرقصون ويكبرون ويطلقون الرصاص في الهواء.

وشهدت بنغازي، معقل المتمردين شرقي البلاد، مشاهد مماثلة حيث أعلن الحشود نهاية حكم "الطاغية".

وكان الثوار قد أعلنوا أمس الأحد عن اعتقال سيف الإسلام القذافي وهو ما أكده لاحقا مدعي المحكمة الجنائية لويس مورينو-أوكامبو استنادا إلى "معلومات سرية".