دعا أستاذ الأدب والنقد فى كلية الآداب بجامعة الملك فيصل فى الأحساء، الدكتور عامر الحلواني، إلى ضرورة إطلاق أكاديميات (مدارس) متخصصة فى المناهج النقدية الحديثة بكليات الآداب أسوة بكلية الآداب فى جامعة الملك فيصل، كخطوة تفاعلية مع «رؤية المملكة 2030» فى التعويل على الباحثات والباحثين الشبان. تنهض هذه الأكاديميات على حقيقة معرفية تثبت أن المناهج النقدية الحديثة أصل مهم من أصول التفكير فى المعنى والصراع على ملكيته، ومساءلة النص.

نظرية المعرفة

أشار «الحلواني»، الذي كان يتحدث أمس فى ندوة افتراضية بعنوان «المناهج النقدية الحديثة»، بتنظيم من نادي الأحساء الأدبي، وأدارها الدكتور معجب العدواني، وبتنسيق الدكتور صغير العجمي، إلى أن المعرفة، والمناهج النقدية الحديثة جزء مهم منها، هي معرفة كونية وعالمية فى آن معا، تبنى بالتراكم والصهر المعرفي، ولا تعترف بالقطائع الإيبستيمولوجية (نظرية المعرفة)، موضحا أن المدونات الأدبية والإبداعية واللغوية والفلسفية والحضارية والثقافية هي فى نظر المناهج النقدية الحديثة من الأدب الإنساني العام مهما يكن مصرها وعصرها، وأن المناهج الحديثة ترفض الأحكام الإقصائية الناهية والجازمة، والمواضعات الثابتة التي لا تبالي بمراجعة أصولها، ولا تكترث بنقد ذاتها ومسلماتها.

القراءات المعيارية

أبان «الحلواني» أن الرسالة فى تلك الأكاديميات هي السعي إلى تحديث مناهجها، وتجديد آليات القراءة فيها، بتجنب القراءات المعيارية والانطباعية والذاتية وحتى الإيديولوجية التي تردد أحكاما ثابتة لا تفي بنصوصنا العربية، ولا تفضي إلى إدراك معانيها القصية، وهو ما تراهن المناهج النقدية الحديثة على تداركه باستحداث أدوات قرائية متسعة الأسيجة، لتطوير الممارسة النقدية فى اتجاه تعميق الإشكالية المنهجية تطويرا يرد تخوم المنهج من نافذة السؤال.

فجوة كبيرة

أوضح أستاذ الأدب والنقد أن هناك فجوة كبيرة بين المناهج الحديثة والمناهج المطبقة فى الجامعات، ومرد هذه الفجوة إلى غياب المتخصصين فى تدريس المناهج النقدية الحديثة، بوصفه تخصصا دقيقا نادرا، وأنه يستدعي معرفة جيدة باللغات الأخرى حتى يعود إليها فى مضانها النصية، ولأن هذا التخصص يفرض على المتخصص فيه أن يكون حاملا لشهادة فى اللسانيات، بوصفها «أم العلوم والمناهج الحديثة»، وهذا ما يفسر فعلا الفجوة القائمة بين المناهج الحديثة والمقاربات التقليدية المطبقة فى أقسام اللغة العربية.

ولكن اللافت للانتباه أن هناك انفتاحا واضحا اليوم على هذه المناهج النقدية الحديثة فى أغلب جامعات المملكة، اقتناعا بجدواها فى الارتقاء بالمستوى البحثي فى هذه أقسامها.

الإنجليزية والفرنسية

أكد «الحلواني» على الراغبين فى دراسة تخصصات المناهج النقدية الحديثة أن هذا يقتضي الإلمام باللغات، ومن أبرزها الإنجليزية والفرنسية، حتى لا يقع الباحث فى إشكالية كثرة المصطلحات المترجمة، ومنها قد يتوه فى خضم تعدد المصطلحات، مبينا أنه من الأخطاء الرائجة فى الجامعات اعتبار المنهج الوصفي منهجا، إذ أنه لا يوجد منهج وصفي، وإنما الوصف هو آلية إجرائية للقراءة.

دراسات عصرية

بدوره، قال رئيس نادي الأحساء الأدبي عميد كلية الآداب فى جامعة الملك فيصل بالأحساء (سابقا)، الدكتور ظافر الشهري، خلال مداخلته فى الندوة: للأمانة العلمية، وعلى مدى 7 سنوات قضيتها مع الدكتور الحلواني فى كلية الآداب، أشهد أنه حول الدراسة فى قسم اللغة العربية (الدراسات العليا) من دراسة تقليدية جافة إلى دراسة عصرية، تنفتح على المناهج الحديثة.

مزايا أكاديميات المناهج النقدية الحديثة فى الجامعات:

1- التركيز على الجوانب التطبيقية التي تستنهض النصوص، بما فيها النصوص القديمة.

2- استكشاف أسرار جديدة فى الشارع العربي القديم.

3- المناهج النقدية الحديثة تمثل ثراء معرفيا كونيا.

4- قراءة النص تكون قراءة متطورة، وإبعاد للقارئ من القوانين الثابتة والجامدة.

5- النص منفتح على كل المعارف والدلالات والتأويلات، ولا يعتمد على حكم نهائي مغلق.

6- إعمال العقل والتفكير المنطقي الذي يتعامل مع المناهج.

7- تبني اللغة كجزء من الفن، وليس جزءا من الكلام فقط، بل هي جزء من التفكير القابل للتحليل والتأويل.